يمن ايكو
تقارير

📃 ثماني سنوات من نزيف الثروة السمكية اليمنية.. أرقام هائلة وأساليب متعددة

تقرير خاص – يمن إيكو

ثماني سنوات من نزيف الثروة السمكية اليمنية، وعبر مختلف الوسائل والأساليب التي تبدأ بشعارات إنسانية، مروراً بفرض السيطرة على مناطق الصيد الوفيرة، ولا تنتهي بعسكرة موانئ ومراكز الإنزال السمكي، ومنع مئات الآلاف من الصيادين اليمنيين من دخول مناطق الصيد في مياههم اليمنية، بل تستمر باستهدافهم المباشر في المياه والسواحل اليمنية، لكن الأخطر تضاعف الأرقام المهولة في مؤشر حجم الثروة المنهوبة.. والأساليب المتعددة.

حظر التحالف نشاط الصيد التقليدي في 20 منطقة بحرية، وعمد إلى تدمير الموانئ البحرية وأسواق ومراكز تجميع الأسماك، كما استهدف نحو 93 مركز إنزال سمكي خلال عامي 2018 – 2019م في سواحل البحر الأحمر، وفق تقارير برلمانية صادرة عن حكومة صنعاء.

وفضلاً عن نهب التحالف ملايين الأطنان شهرياً منذ بداية الحرب والحصار في اليمن عام 2015م، تقول الإحصائيات إن خسائر اليمن في القطاع السمكي، التي لحقت بالموانئ ومراكز الإنزال السمكي وقوارب الصيادين، بلغت قرابة 6.9 مليار دولار أمريكي وفق آخر إحصائية صدرت في فبراير 2022.

وفتحت دول التحالف، وبالأخص الإمارات والسعودية، أساليب استنزاف الثروة السمكية على تعدد واسع من الطرق المخالفة للقوانين، إلى الحيل التي توصلها لاستنزاف أكبر قدر من الأسماك والأحياء البحرية، على طول المياه اليمنية المتمثلة في شريط ساحلي يصل طوله إلى 2500 كيلو متر، فضلاً عن مسلسل القرصنة البحرية والانتهاكات التي طالت الصيادين اليمنيين من تخوم حدود المياه الدولية في ميدي، إلى مشارف المحيط الهندي في شرق وجنوب جزيرة سقطرى.

وحسب الصيادين الأكثر خبرة، فإن الاصطياد غير القانوني والجائر، يتم عبر شباك عملاقة تطلقها سفن ضخمة، أو عن طريق ما يسمى بـ”الحاوي” الذي يجرف الأسماك والأحياء البحرية الصغيرة والكبيرة، وحتى النادرة منها والمهددة بالانقراض، بدون أدنى اعتبار لمواسم الاصطياد أو التزاوج والتكاثر.. إلى جناب ذلك تلجأ قوات التحالف إلى توظيف الصيادين أنفسهم لصالحها، للوصول إلى عمق الثروة السمكية وأماكن تجمُّع الأسماك، وأبرز أنواعها في المياه اليمنية التي تحوي أكثر من 350 نوعاً، وعبر الصيادين أنفسهم واستلاب جهدهم اليومي، بمبالغ ضئيلة.

ليس هذا القول من قبيل المبالغة، فمؤخراً لجأت الإمارات في محافظة أرخبيل سقطرى إلى أمهر الصيادين المحليين من أجل الوصول إلى أكثر أنواع الأسماك تميزاً وفرادة في الجزيرة، حيث أطلقت عبر مؤسسة خليفة ومصنع برايم الإماراتي، ولأول مرة مسابقة لجمع الأسماك الكبيرة التي تتميز بها الجزيرة.

واعتبر الصيادون هذه الخطوة وسيلة جديدة تكفل لقوات أبوظبي استمرار جرف ثروات الجزيرة السمكية النادرة، وتصديرها إلى الخارج، مقابل مبالغ بالدرهم الإماراتي، فيما تشهد الأسواق المحلية في مديريات الأرخبيل تناقصاً حاداً في العرض اليومي، ما رفع أسعار الأسماك إلى أرقام قياسية أكبر من قدرات الأسر الشرائية في الجزيرة.. فيما يتهم مواطنو الأرخبيل المؤسسات الإماراتية بتنفيذ عمليات تجريف واسعة لمختلف ثروات الجزيرة البحرية والبرية.

صيادو حضرموت أيضاً، حذروا في منتصف سبتمبر الماضي، في وقفة احتجاجية من نفاد مخزون الثروة السمكية، جراء الاصطياد غير المشروع.. مؤكدين أن ثروة محافظة حضرموت السمكية تتعرض لتجريف يومي بات يهدد المخزون السمكي والأحياء البحرية بالانقراض.. مؤكدين أن سفناً تابعة للتحالف، خصوصاً الإمارات، تجرف وبشكل يومي عشرات الأطنان من الأسماك، فيما يعاني الصيادون التقليديون من التضييق عليهم من قبل قوات التحالف المسيطرة على سواحل اليمن، ومنعهم من ممارسة العمل الذي يكسبون منه أرزاقهم.

ووفق تحقيق استقصائي تحت عنوان “شباك خاوية” في منطقتي المهرة والمكلا على سواحل البحر العربي؛ عمد التحالف إلى عسكرة مراكز الإنزال السمكي، وحظر أعمال الصيادين في المصايد السمكية في المياه اليمنية المحاذية لسواحل حضرموت والمهرة.

وأوضح التحقيق أن التحالف حوّل 11 مركزاً للصيد السمكي إلى مواقع عسكرية، من أصل 12 مركزاً هي إجمالي مراكز الإنزال فقط على ساحل المهرة، كما حظر التحالف الصيد اليومي في 12 ميلاً بحرياً، على سواحل المكلا البالغ طول شريطها نحو أكثر من 750 كيلو متراً.

وتشهد عدن كغيرها من المدن السواحلية الواقعة تحت سيطرة التحالف، موجة من السخط الشعبي الواسع، نتيجة الارتفاع المتواصل لأسعار جميع أنواع الأسماك التي تُعدُّ المصدر الرئيسي للغذاء في تلك المدن والمناطق، بالتزامن مع شحة العرض في السوق، ليس لقلة الثروة السمكية بل للشلل شبه التام الذي أصاب أنشطة الصيد المحلي، بفعل سيطرة التحالف على المصايد ومنع الصيادين من الوصول إلى مصادر رزقهم اليومي.

الأغرب في موقف حكومة المجلس الرئاسي المُعين من الرياض إزاء انتهاك التحالف للسيادة اليمنية، عبر السيطرة العسكرية والإدارية على المصايد السمكية ومناطق الاصطياد ومنح السفن الأجنبية تراخيص الصيد في المياه اليمنية؛ يتمثل في أن الحكومة أعلنت في 10 أكتوبر الماضي أنها تدرس وقف تصدير المنتجات السمكية، في قرار لا يعزز ولا يساند سوى ممارسات التحالف ضد الصيادين، ما أثار استياءً واسعاً في أوساط الصيادين.

وتحاول حكومة المجلس الرئاسي المُعين من الرياض، تغطية ممارسات التحالف والبحرية الأمريكية في المصايد اليمنية بالحظر والاختطاف والقتل المباشر، باجتماعات لا صلة لها بواقع ثروة اليمن السمكية وأحيائها البحرية،
والدليل على ذلك أنها عللت إعلانها دراسة وقف الصادرات السمكية، بحرصها على سد احتياج البلد الذي يعاني من تأثيرات وتبعات كارثية بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، في محاولة واضحة لنفي أن يكون التحالف هو السبب الرئيس في ارتفاع أسعار الأسماك وحرمان ملايين اليمنيين من هذه الوجبة الغذائية.

إن التراجع في الإنتاج المحلي اليمني اليومي من صيد الأسماك بواقع 80% يعني بلا شك أن هذه النسبة ذهبت في شباك السفن الأجنبية الضخمة التي تعمل لصالح دول التحالف، وكان إنتاج اليمن من الأسماك والأحياء البحرية- قبل اندلاع الحرب التي أفقدت 70 ألف صياد، وخلفهم 70 ألف أسرة في اليمن مصادر دخلهم وقلصت الحصة السنوية من الأسماك للفرد بنسبة 80%؛ يبلغ سنوياً حوالي 200 ألف طن، كان يتم تصدير ما بين 40% إلى 50% من هذا الإنتاج للخارج، وهو ما كان يدر عائدات تقدر بحوالي 300 مليون دولار، فيما كان يوجه 50-60% من الإنتاج السنوي للاستهلاك المحلي.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً