يمن ايكو
أخبارتقارير

الأهداف والتوقيت والموقف الأمريكي.. ما وراء الاعتراف الإسرائيلي بـ”أرض الصومال”؟

يمن إيكو|تقرير:

أعلنت إسرائيل، الجمعة، الاعتراف رسمياً بأرض الصومال (صومالي لاند) كدولة مستقلة، في مشهد تصدرته اعتبارات الحاجة إلى تثبيت نفوذ إسرائيلي في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، ومتطلبات المواجهة القادمة مع قوات صنعاء، بعد الفشل الكبير في ردعها خلال العامين الماضيين.

أهداف الاعتراف:

في بيان مشترك رصده موقع “يمن إيكو” أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير خارجيته جدعون ساعر، الاعتراف الرسمي بـ”جمهورية أرض الصومال كدولة مستقلة ذات سيادة”، وذكر البيان أن “هذا الإعلان يأتي بروح اتفاقيات إبراهيم التي يرعاها الرئيس ترامب”.

وأضاف: “تعتزم دولة إسرائيل توسيع علاقاتها مع جمهورية أرض الصومال فوراً من خلال تعاون واسع النطاق في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد”.

ويمثل إيجاد موطئ قدم لإسرائيل بالقرب من اليمن في إطار مواجهة قوات صنعاء، وتوسيع النفوذ الإسرائيلي في البحر الأحمر وخليج عدن، من أبرز الأهداف الرئيسية للاعتراف بأرض الصومال، وفقاً لإجماع مختلف وسائل الإعلام العبرية.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية في تقرير رصده موقع “يمن إيكو” أن “إسرائيل، شأنها شأن الولايات المتحدة، تولي اهتماماً بالغاً بأرض الصومال، نظراً لساحلها الممتد وموقعها الاستراتيجي في القرن الأفريقي، ومن أسباب هذا الاهتمام قربها من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن، والتي لا تزال تشكل تهديداً كبيراً للملاحة البحرية في المنطقة، حتى بعد انتهاء الحرب في غزة واتفاق وقف إطلاق النار معهم”.

واعتبرت الصحيفة أن “تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع أرض الصومال يعد بمثابة عامل مُضاعفة للقوة في الحرب ضد الحوثيين”.

وأكدت صحيفة “معاريف” العبرية أن فائدة الاعتراف بأرض الصومال بالنسبة لإسرائيل “لا تكمن في الجانب الدبلوماسي بل في موقعها الجغرافي، فميناء بربرة، الواقع على شواطئ خليج عدن، والمطار القريب منه، الذي يضم أحد أطول مدارج الطائرات في أفريقيا، يضعانها في نقطة محورية على أحد أهم الممرات الملاحية في العالم”.

وأضافت الصحيفة في تقرير اطلع عليه “يمن إيكو” أنه: “في منطقة تتصاعد فيها التهديدات الإرهابية، والاحتكاكات البحرية، والتنافس بين القوى العظمى، يصبح أي موطئ قدم من هذا القبيل مكسباً، وتدرك أرض الصومال هذا الأمر جيداً، ولطالما عرضت صفقة واضحة تتضمن: الوصول الأمريكي والتواجد الأمني ​​مقابل الاعتراف” مشيرة إلى أن مبادرة إسرائيل إلى الاعتراف تبرزها كـ”صاحبة القرار” لأن هذا الاعتراف “ليس مجرد بادرة ثنائية، بل هو خطوة تتحدث لغة يفهمها ترامب وهي: خلق واقع ملموس من خلال اتفاقيات إقليمية، خارج القنوات الدبلوماسية التقليدية”.

ووصف موقع “والا” العبري أرض الصومال بـ”قاعدة محتملة لمواجهة الحوثيين” مشيراً إلى أن “موقعها قبالة اليمن يمنحها أهمية بالغة لإسرائيل، نظراً لسيطرة الحوثيين على أجزاء كبيرة من البلاد”.

وأضاف الموقع أن “لدى أرض الصومال علاقات وثيقة مع الإمارات العربية المتحدة، التي تمتلك قاعدة عسكرية في مدينة بربرة، تضم ميناءً عسكرياً ومساراً للطائرات المقاتلة وطائرات النقل، وتشير التقديرات إلى أن هذه القاعدة تُعدّ عنصراً أساسياً في حملة الإمارات ضد الحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى القوى الانفصالية التي سيطرت مؤخراً على أجزاء من جنوب البلاد”.

وفي تعليقات نقلتها صحيفة “دافار” العبرية التابعة لاتحاد العمال في إسرائيل ورصدها موقع “يمن إيكو”، قال موشيه تارديمان، الخبير في شؤون أفريقيا ومنطقة البحر الأحمر، إنه “من وجهة نظر إسرائيل، كانت مسألة الاعتراف مطروحة منذ عام 1994، عندما طلبت أرض الصومال، مباشرة بعد إعلان استقلالها، من رئيس الوزراء آنذاك إسحاق رابين، الاعتراف بها، ومنذ ذلك الحين، ولا سيما في السنوات الأخيرة، ظلت هذه القضية مطروحة على جدول الأعمال ومثارة للنقاش حتى اليوم، حين صدر القرار والاعتراف الرسمي”.

وأضاف: “يتعلق الأمر بإقامة علاقات دبلوماسية والاعتراف بدولة ذات موقع استراتيجي على شواطئ خليج عدن، مع مضيق باب المندب عند مدخلها، مما يسمح لها بإنشاء قواعد بشكل منفصل أو بالاشتراك مع الإمارات العربية المتحدة، التي تتمتع بعلاقات جيدة للغاية مع أرض الصومال، ومراقبة النشاط الإيراني والحوثي من هناك، وكذلك التحرك ضدهم من هناك”.

وبحسب تارديمان فإن العلاقة مع أرض الصومال “يجعل إسرائيل قادرة على القول إنها قوة إقليمية في منطقة البحر الأحمر” مضيفاً: “إن إسرائيل تخلق وجوداً ونفوذاً في إحدى الدول الواقعة على سواحل البحر الأحمر أو خليج عدن بهدف تقويض القوى الإقليمية المعادية، وخاصة إيران، ومراقبة النشاط الإيراني والحوثي”.

وطيلة الفترة الماضية تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية مسألة الاعتراف بأرض الصومال، كمقترح لتحسين موقف إسرائيل في المواجهة مع صنعاء، وكان من آخر تلك التناولات تقرير نشره معهد أبحاث الأمن القومي بتل أبيب، الشهر الماضي، ذكر أن أرض الصومال “يمكن أن تستخدم كقاعدة متقدمة لمجموعة متنوعة من المهام مثل: المراقبة الاستخباراتية ضد الحوثيين وجهودهم لبناء القواعد، وتوفير الخدمات اللوجستية للحكومة اليمنية الشرعية في حربها ضد الحوثيين، كما يمكن أن تكون أساساً للنشاط العملياتي المباشر ضد الحوثيين من خلال مهاجمة وإحباط تحركاتهم” مشيراً إلى أن “إسرائيل تحتاج إلى حلفاء في منطقة البحر الأحمر، للتحضير للحملة القادمة ضد الحوثيين، وتعد أرض الصومال مرشحاً مثالياً لهذا التعاون الذي قد يوفر لإسرائيل منصة عمل بالقرب من مسرح العمليات”.

ومع ذلك، فقد حذر المعهد من أن الاعتراف الرسمي بأرض الصومال قد يسبب توترات دبلوماسية غير محبذة مع دول المنطقة، خصوصاً وأن الولايات المتحدة لا تعترف باستقلال الإقليم وتمتلك علاقات جيدة مع دولة الصومال، ولذلك اقترح المعهد أن تتم إقامة علاقات “تحت عتبة الاعتراف”.

وقد أعلنت معظم دول المنطقة بالفعل اعتراضها على الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال، ولكن إقدام إسرائيل على هذه الخطوة يشير إلى تقليلها من شأن تأثير هذه المواقف المتوقعة، وإلى اطمئنانها للموقف الأمريكي.

الموقف الأمريكي:

وفي أول تصريحات بشأن الخطوة الإسرائيلية، نقلت صحيفة “نيويورك بوست” عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قوله إنه “سيدرس” مسألة الاعتراف بأرض الصومال، وهو ما صرح به أيضاً في مناسبة سابقة هذا العام، الأمر الذي يشير إلى أنه لا يعارض الخطوة الإسرائيلية عموماً.

والحقيقة أن مسألة الاعتراف بأرض الصومال قد نوقشت كثيراً داخل الولايات المتحدة لنفس الاعتبارات التي ارتبط بها الاعتراف الإسرائيلي، ولاعتبارات أخرى، ففي مارس الماضي، قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن الولايات المتحدة وإسرائيل تواصلتا مع دول في شرق إفريقيا بشأن استقبال الفلسطينيين الذين أراد ترامب تهجيرهم من قطاع غزة، وكانت أرض الصومال من بين المرشحين.

ونقلت الصحيفة وقتها عن مسؤول أمريكي مطلع قوله “إن هناك مناقشات بدأت حول صفقة محتملة للاعتراف بأرض الصومال مقابل إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من ميناء بربرة على ساحل البحر الأحمر”.

وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” إن أرض الصومال أنشأت علاقات قوية مع عدد من الجمهوريين في الكونغرس ومراكز الفكر المحافظة داخل الولايات المتحدة.

وقد قدم النائب الأمريكي الجمهوري سكوت بيري، بالفعل مشروع قانون للاعتراف باستقلال أرض الصومال، في ديسمبر 2024، ثم في يونيو 2025، كما روجت مؤسسة (هيرتيج) البحثية المؤثرة داخل الولايات المتحدة بشكل متكرر لهذا الأمر.

توقيت الاعتراف: 

يأتي الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال متزامناً مع التطورات الأخيرة في جنوب وشرق اليمن، حيث يسعى المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات إلى ترسيخ مشروع “الانفصال” على الأرض، وهو ما اعتبرته وسائل إعلام ومراكز أبحاث إسرائيلية “فرصة واعدة” و”ذهبية” لإسرائيل، لأن “الدولة الجنوبية” التي يريد الانتقالي إقامتها ستوفر قاعدة استراتيجية لإسرائيل للسيطرة على باب المندب وخليج عدن وتأمين حركة التجارة البحرية الإسرائيلية، كما ستوفر “شركاء” لشن حملات برية ضد قوات صنعاء، وهو ما يشبه إلى حد كبير “الفرص” التي تراها إسرائيل في أرض الصومال، بل ويتكامل معها جغرافيا.

ويرى مراقبون أن الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال في هذا التوقيت يرسل رسالة تشجيع للإمارات والمجلس الانتقالي في اليمن، خصوصاً وأن الأخير قد أبدى مؤخراً اندفاعاً كبيراً للحصول على اعتراف ودعم من إسرائيل، مقابل الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع، ومواجهة قوات صنعاء.

وفي هذا السياق يقول الخبير الإسرائيلي موشيه تارديمان إن خطوة الاعتراف بأرض الصومال “قد تشجع مناطق انفصالية أخرى على إعلان الاستقلال والحصول على اعتراف من دول معينة بناءً على مصالحها”.

 

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً