يمن إيكو|تقرير:
أقرت القيادة المركزية الأمريكية بإسقاط مقاتلة حربية من طراز (إف-18) في البحر الأحمر بواسطة ما قالت إنه “نيران صديقة”، وذلك قبل أن توضح قوات صنعاء تفاصيل الحادث الذي جاء ضمن هجوم واسع تعرضت له حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس ترومان) تزامناً مع قيامها بشن هجمات على اليمن، الأمر الذي أدى إلى ارتباك كبير للسفن الحربية الأمريكية.
ووفقاً لبيان وزعته القيادة المركزية الأمريكية على وسائل إعلام ورصده موقع “يمن إيكو”، فقد “نجا طياران تابعان للبحرية الأمريكية من الموت المحقق أثناء تحليقهما بالمظلة فوق البحر الأحمر خلال الساعات الأولى من صباح 22 ديسمبر، عندما أسقطت طائرتهما المقاتلة من طراز إف/إيه-18 من قبل نيران صديقة”.
وأضاف البيان أن “طراد الصواريخ الموجهة (يو إس إس جيتيسبيرج)، وهو جزء من مجموعة حاملة الطائرات (يو إس إس هاري إس ترومان) أطلق النار عن طريق الخطأ على طائرة إف/إيه-18 التي كانت تحلق قبالة حاملة الطائرات وأصابها”.
وأشار إلى أنه “تم إنقاذ الطيارين بسلام، وتشير التقييمات الأولية إلى أن أحد أفراد الطاقم أصيب بجروح طفيفة”.
وأضاف: “لم يكن هذا الحادث نتيجة لنيران معادية، ويجري تحقيق كامل”.
وقوبلت رواية الجيش الأمريكي بتشكيك كبير بسبب غموضها وأيضاً بسبب الظروف المحيطة بالحادث، حيث كان الجيش الأمريكي قد أعلن في بيان، فجر اليوم، عن تنفيذ ضربات على صنعاء بطائرات (إف/إيه – 18) يبدو بوضوح أنها انطلقت من حاملة الطائرات (هاري ترومان) المتواجدة في البحر الأحمر، وقال البيان إنه “أثناء العملية، أسقطت قوات القيادة المركزية الأمريكية أيضاً عدة طائرات بدون طيار هجومية للحوثيين وصاروخ كروز مضاد للسفن فوق البحر الأحمر”، وهو ما يعني أن قوات صنعاء نفذت هجوماً بالتزامن مع العملية الجوية الأمريكية، الأمر الذي أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الطائرة التي تم إسقاطها قد أصيب بصاروخ يمني، أو أن الهجوم الذي نفذته قوات صنعاء قد أربك السفن الحربية وجعلها تصيب المقاتلة بالخطأ.
وبددت قوات صنعاء غموض التفاصيل التي تكتم عنها الجيش الأمريكي، وذلك في بيان عسكري أعلنت فيه عن تنفيذ هجوم معقد تكتيكياً على حاملة الطائرات (ترومان) ومجموعتها من السفن الحربية، بثمانية صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيرة و”بالتزامن مع بدء الهجوم العدواني على اليمن” حسب وصفها، مشيرة إلى أن العملية أسفرت عن “إسقاطُ طائرةٍ (إف 18) وذلكَ أثناءَ محاولةِ المدمراتِ التصديَ للمسيراتِ والصواريخِ اليمنية”، وهو ما يعني أن الطائرة الأمريكية قد أسقطت بالفعل بنيران صديقة لكن بسبب الارتباك الذي أحدثه هجوم قوات صنعاء في ذلك التوقيت الحساس.
وتعليقاً على ما حدث، كتب براندون ويشيرت، محلل الأمن القومي بمجلة ناشيونال إنترست، في تدوينات رصدها موقع “يمن إيكو” على منصة (إكس): “الخبر الجيد هو أن الدفاعات المضادة للطائرات على مدمراتنا تعمل، الخبر السيئ هو أننا أسقطنا طائرة (إف/إيه-18 سوبر هورنت)”.
وأضاف: “الحوثيون يضحكون من كهوفهم وهم يشاهدون الأمريكيين… يقاتلون أنفسهم”.
وكان ويشيرت قد شكك في رواية “النيران الصديقة” التي أوردها الجيش الأمريكي وقال: “لقد وصلنا حقاً إلى مستوى متدنٍ للغاية كقوة عظمى مزعومة، عندما تكون النيران الصديقة هي أفضل وأقرب قصة نصدقها للتغطية على حقيقة أن الحوثيين ربما أسقطوا إحدى طائراتنا”.
وذكر ويشيرت أن هناك العديد من الأسباب للتشكيك في رواية القيادة المركزية الأمريكية، مشيراً إلى أن مقاتلات (إف/إيه- 18) “هي الطائرات الحربية الأساسية من الجيل الرابع التي تستخدمها البحرية الأمريكية وسلاح مشاة البحرية”، وهي “من أفضل الطائرات في العالم، لأنها مجهزة بقدر هائل من قدرات الكشف والدفاع لتجنب التعرض لإطلاق النار”.
وأضاف أنه “بالإضافة هذه الأنظمة الدفاعية والكشفية، هناك حقيقة مفادها أن طائرات إف/ إيه-18 تشارك في تفاعل معقد بينها وبين مجموعة حاملات الطائرات التي يتم نشرها منها، وبشكل أساسي، هناك العديد من الإجراءات الموضوعة لمنع النيران الصديقة”.
وتابع: “القصة الرسمية هي أن العناصر العاملة من حاملة الطائرات (يو إس إس هاري إس ترومان) كانت عائدة إلى حاملة الطائرات بعد قصف قاعدة صواريخ ومركز قيادة تابعين للحوثيين عندما أطلقت المدمرة (يو إس إس جيتيسبيرج) النار على الطائرة، فقفز الطاقم بالمظلة فوق البحر الأحمر وتم انتشالهم بسلام مع إصابة أحد أفراد الطاقم بجروح طفيفة”.
وقال: “تصر البحرية على أن الحادث كان نيراناً صديقة، وأن الأمر سيتم التحقيق فيه بدقة، ولكن هذه هي البحرية نفسها التي ادعت أنه لم يحدث شيء على الإطلاق خلال الصيف لحاملة الطائرات الأمريكية (دوايت د. أيزنهاور)، وما نعرفه الآن هو أن صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن أطلقه الحوثيون اقترب لمسافة 200 متر (656 قدماً) من حاملة الطائرات الأمريكية أيزنهاور خلال الصيف”.
وخلص ويشيرت إلى أنه: “مرة أخرى، كانت البحرية، على أقل تقدير، تقلل من خطورة التهديد الصاروخي الحوثي، والآن نجد أنفسنا أمام استخفاف هائل بتهديد الصواريخ الحوثية، والحقيقة أن احتمالية أن تكون البحرية الأمريكية قد أسقطت طائرتها، حتى مع ضعف كفاءة جيش نظام بايدن، لا يمكن تصديقها”.
ويعني ذلك أن تمكن قوات صنعاء من دفع القوات الأمريكية إلى إطلاق النار على مقاتلاتها يشكل مفاجأة غير متوقعة تماماً.
وقال محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى الحاكم في صنعاء، في تدوينة على منصة إكس رصدها موقع “يمن إيكو”: “بخصوص سقوط الطائرة الأمريكية لن تفصح القيادة المركزية عن الحقيقة لسقوط الطائرة، ربما كتكتيك حتى لا تزداد انهيار معنويات جنودها”.
وأضاف: “إذا لم تفصح البحرية الأمريكية عن سبب سقوط الطائرة الأمريكية فلماذا أوقفت (يو إس إس هاري ترومان) قرب السودان كل أجهزتها ومحركاتها البارحة؟”.
وبعد أن اتضح من خلال بيان قوات صنعاء أن إسقاط الطائرة تم من قبل السفن الحربية الأمريكية بسبب الإرباك الذي سببه الهجوم المضاد من اليمن، فإن هذه الحادثة ستثير الكثير من النقاشات حول أسلوب عمل البحرية الأمريكية ومدى تحكم قوات صنعاء بوتيرة وتفاصيل مجريات المواجهة البحرية، وقدرتها على تحقيق نتائج لا تملك الأدوات لتحقيقها بشكل مباشر، من خلال تكتيكات معينة، مثل تنفيذ هجوم مضاد واسع بالتزامن مع الغارات على اليمن.