يمن إيكو|خاص:
قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن هجمات حزب الله خلفت دماراً هائلاً في مستوطنات شمال إسرائيل، وسببت أضراراً مادية اقتصادية كبيرة وغير مسبوقة، مشيرة إلى أن الإسرائيليين الذين فروا من تلك المناطق لم يعودوا يفكرون بالعودة في ظل التهديد الكبير الذي يواجهونه.
وتحت عنوان “ضربات حزب الله تدمر إسرائيل” نشرت الصحيفة، أمس السبت، تقريراً مطولاً رصده وترجمه “يمن إيكو” جاء فيه أن “خسائر فادحة لحقت بشمال إسرائيل نتيجة عشرة أشهر من الأعمال العدائية، حيث تسببت النيران القادمة من حزب الله في إتلاف المباني وحرق المحاصيل وإغلاق الشركات وتسببت في مقتل الجنود والمدنيين على حد سواء”.
وأضاف: “لقد أدى القتال إلى أكبر إخلاء لمنطقة منذ تأسيس إسرائيل قبل أكثر من 70 عاماً”.
وأوضح التقرير أن “العديد من السكان يتساءلون الآن عمّا إذا كانوا سيتمكنون من العودة إلى المنطقة التي كانت- على مدى ما يقرب من عقدين من الهدوء النسبي منذ آخر حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله- جزءاً من حملة لجذب الشركات الناشئة وغيرها من الشركات إلى المناطق النائية في إسرائيل”.
ونقل التقرير عن أحد الإسرائيليين قوله: “خلال السنوات السبع عشرة الماضية، كنا نعتقد أننا نعيش في توسكانا [إقليم في إيطاليا]، ولكن عندما بدأت الصواريخ تنطلق من لبنان، أدركنا فجأة أننا نعيش في الشرق الأوسط اللعين، مع كل الاحترام الواجب للشركات الناشئة، والابتكار، وتكنولوجيا المناخ، وتكنولوجيا الأغذية، والتكنولوجيا الزراعية.. وكنا قد نسينا هذا الأمر”.
وقال التقرير إنه “حتى قبل التصعيد الأخير في التوترات، أصبحت ضربات حزب الله تشكل تحدياً استراتيجياً غير مسبوق بالنسبة لإسرائيل، حيث اختبرت حرب الاستنزاف في الشمال صبر الجمهور إلى حد الانهيار وزادت الضغوط على الحكومة”.
وأضاف: “هناك مخاطر واضحة تهدد إسرائيل من تصعيد كامل للأعمال العدائية، مع ما يعتبر على نطاق واسع الجهة غير الحكومية الأكثر تسليحاً في العالم. فبين أكتوبر ومنتصف يوليو، نشر حزب الله جزءاً ضئيلاً فقط من ترسانته الضخمة، وأطلق حوالي 6700 صاروخ و340 طائرة بدون طيار على شمال إسرائيل، وفقاً لبيانات الجيش الإسرائيلي، ومع ذلك، كان التأثير واسع النطاق وكبيراً”.
ونقل التقرير عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن “صواريخ حزب الله أشعلت أكثر من 710 حرائق غابات، أتت على 105 آلاف دونم، أو حوالي 105 كيلومترات مربعة، من الأراضي في مناطق تمتد من الجليل الأعلى إلى مرتفعات الجولان”.
وأشار إلى أن “أكبر اضطراب وقع في الشريط الذي يبلغ طوله خمسة كيلومترات جنوب الحدود والذي أخلته السلطات الإسرائيلية في الأسابيع الأولى من القتال، حيث تضررت بشكل خاص مجتمعات مثل كريات شمونة وشلومي ومتولا وشتولة وعرب العرامشةـ كما تعرضت القواعد العسكرية في المنطقة لاستهداف مكثف”.
وأوضح أنه “قبل بدء الأعمال العدائية، كانت كريات شمونة مدينة يسكنها نحو 24 ألف نسمة، أما الآن فقد تحولت إلى مدينة أشباح: حيث تومض إشارات المرور باللون البرتقالي بشكل دائم، وأغلقت كل الشركات تقريباً، وأغلقت نقاط التفتيش الطرق المؤدية إلى الحدود، ويقول السكان المحليون إن عدد سكانها المتبقين لا يتجاوز 2000 إلى 3000 نسمة، وهو مزيج من العمال الأساسيين وعدد صغير من السكان الذين رفضوا المغادرة”.
ونقلت الصحيفة عن أرييل فريش، ضابط الأمن في البلدية، قوله إن “حزب الله أطلق أكثر من 700 قذيفة على المدينة منذ الثامن من أكتوبر، بما في ذلك أسلحة لم يستخدمها في جولات قتالية سابقة، مثل الطائرات بدون طيار المسلحة وصواريخ فلق 1 والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، وفي المجموع، كانت هناك إصابات مباشرة على 66 مبنى، بينما عانى 1100 مبنى من أضرار جانبية مثل آثار الشظايا”.
وبحسب الصحيفة فإنه يمكن تقدير الأضرار باستخدام صور الأقمار الصناعية في المناطق الحدودية التي لا يمكن الوصول إليها.
ورصدت الصحيفة بشكل ميداني بعض الأضرار التي لحقت بشمال إسرائيل، وذكرت إنه “في روضة أطفال في يكوتيئيل آدم، خلفت قذيفة من عيار 107 ملم حفرة يبلغ عرضها نحو متر، في ساحة اللعب عند سفح منزلق، كما تركت آثاراً على روضة الأطفال نفسها بسبب الشظايا، ووقعت الضربة في التاسع والعشرين من نوفمبر، بعد وقت طويل من إخلاء كريات شمونة رسمياً”.
ونقلت عن ضابط الأمن فريش قوله إن: “هذه الضربة تؤكد استراتيجية حزب الله الأوسع نطاقاً، والتي كانت تهدف إلى ردع الناس عن العودة إلى الشمال.. لقد كان حزب الله يعلم أنه لن يكون هناك أحد في روضة الأطفال، لكنه كان يعلم أيضاً أنه إذا كنت أحد الوالدين ورأيت هذا فلن تعود أبداً إلى هذه الروضة”.
وأضاف: “في كريات شمونة، يطلق حزب الله النار لخلق الخوف والرعب، ولهذا السبب يستخدم الصواريخ المضادة للدبابات لضرب الطريق الرئيسي، على الرغم من عدم وجود أي مركبات على الطريق “.
وأوضحت الصحيفة أن “الأشهر العشرة الماضية كانت بالفعل سبباً في إحداث خسائر فادحة في أعمال المنطقة، حيث يقدر زئيفي، الذي كان قبل الحرب مديراً عاماً لمركز الابتكار في مدينة مارغاليت للشركات الناشئة في كريات شمونة، أن نحو 30% من الشركات الناشئة في الجليل الشرقي أغلقت أبوابها منذ بداية الحرب”.
وأضاف: “إنه أمر محبط للغاية، لأننا بنينا شيئاً هائلاً، جاء الناس من جميع أنحاء العالم ليروا كيف يمكنك في منطقة ريفية للغاية إنشاء نظام بيئي يطور الشركات الناشئة ويخلق وظائف ذات رواتب عالية”.
وقال إن “السكان كانوا في البداية يخشون أن تقوم الحكومة بتطبيع فكرة العيش هناك تحت نيران الصواريخ، والآن نخشى أن تقوم الحكومة بتطبيع عملية الإخلاء”.
وبحسب الصحيفة “يقول معظم النازحين إن الوضع الأمني لا يزال خطيراً للغاية بحيث لا يستطيعون العودة”.
ونقلت عن إيدنا أوهانا، وهي نازحة تعيش مع عائلتها في فندق بطبريا، قولها: “الفندق ليس بيتنا. الصحة النفسية للناس تتدهور، وجسدياً لم أكن مريضة إلى هذا الحد من قبل”، وأضافت “لماذا عليَّ أن أتحمل هذه المجازفة [بالعودة]؟ لن أعود إلا عندما أشعر بالأمان”.