يمن ايكو
تقارير

📃 كيف عرت الأمطار فساد الأمم المتحدة.. نازحو اليمن يموتون غرقاً

تقرير خاص- يمن إيكو

فتح موسم الأمطار الغزيرة التي شهدتها اليمن منذ شهر يوليو الماضي، ملف نازحي الحرب والحصار في اليمن، على جرائم فساد مالي مهول تقف خلفه الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في البلاد والتي تدعي القيام بعمليات المساعدة والإيواء للنازحين، منفقة مليارات الدولارات من المساعدات والمنح المالية التي تدفقت إلى المنظمات الأممية والمدنية للعام الثامن على التوالي.

وأدت الحرب إلى نزوح أكثر من 4 ملايين يمني داخليا، منهم ما يصل إلى 1.6 مليون شخص يعيشون في 2200 موقع مضيف، وفق تقرير صادر عن المفوضية السامية في الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، مطلع العام الجاري، مؤكدة أنها وزعت أكثر من 72 مليون دولار من المساعدات النقدية في عام 2021، لتصل إلى ما يقرب من 1.4 مليون فرد.

وتواترت إعلانات الجهات والدول المانحة خلال أعوام الحرب تبرعاتها لدعم ملف النازحين والمجتمعات المضيفة لهم في اليمن، ففي النصف الأول من العام الجاري على سبيل المثال لا الحصر قدمت كل من اليابان وألمانيا والسعودية (التي تقود الحرب والحصار في اليمن) والوكالة الأمريكية للتنمية أكثر من 51 مليون دولار كدعم للنازحين اليمنيين، وجميع التبرعات توجه إلى المنظمات الأممية، ناهيك عن تخصيص الأمم المتحدة لـ20 مليون دولار للنازحين، لكن هذه المبالغ لم تعالج أي مشكلة.

الخطأ المرافق للعمل الإغاثي هو تركيز المفوضية في إيواء نازحي المساكن المتضررة من الحرب على تقديم (مأوى طارئ – مأوى مؤقت – عشش – كونتينرات -شبكيات – طرابيل)، دون تطبيق معايير (أسفير) في المسكن والموقع الآمن وإيصال المساعدات بشكلها الفعلي، التي طالما تحدثت عنها الأمم المتحدة، وكل ما قدمته من مساكن ليس لها القدرة على تحمل تغيرات وتقلبات المناخ، خصوصاً في محافظة مارب ذات الطبيعة الصحراوية، حيث تضرر فيها نتيجة الأمطار الغزيرة خلال الأيام الماضية نحو 17 ألف أسرة يمنية جراء السيول.

وشهدت محافظة مارب كغيرها من المحافظات اليمنية على نحو غير مسبوق أمطارا شديدة محملة بالغبار والأتربة، وتدفقاً كبيراً للسيول التي ألحقت أضراراً مادية وجسيمة في المخيمات البالغ عددها قرابة 200 مخيماً وموقعاً للنزوح، فضلاً عن تضرر عشرات الآلاف من الأسر النازحة خارج المخيمات.

وأكد ناشطون أن ما كشفته الأمطار في مخيمات النازحين بمارب وغيرها صورة مخيبة للآمال، فليس منطقياً أن يظل النازحون في بيوت عشوائية مهترئة بعد سبعة أعوام صرفت خلالها الأمم المتحدة مليارات الدولارات بحجة دعم النازحين، ولم تدعم سوى موظفيها.. مشيرين إلى أن المبالغ الهائلة التي خصصت للنازحين والتي ترددها وتلوكها المنظمات، كانت كفيلة بإنجاز مدن سكنية عملاقة، قد تستوعب النازحين وتفيض، لاستثمارها لصالحهم وتحسين وضعهم المعيشي.

وحذر الخبير الاقتصادي الدكتور عبد القادر الخراز، من تبعات التغاضي والصمت عن فساد المنظمات الأممية التي يجب محاكمتها لعدم تطبيقها لمعايير “أسفير” المتعارف عليها عالمياً وأممياً في إيواء وإسكان وتأمين النازحين، وتسبب تلك المنظمات في تعرض ملايين النازحين في مخيمات مارب وغيرها لهذا الوضع المأساوي.

وطالب بضرورة وضع حد لفساد المنظمات والمسؤولين بالجهات المعنية في الحكومة المعترف بها دولياً، مؤكداً أنه رغم تقديم البلاغات لجهات الرقابة والمحاسبة، إلا إن فساد المنظمات الأممية والمدنية المحلية الوسيط ما كان له أن يحدث لولا كون الحكومة فاسدة بكل مكوناتها.

وحتى منتصف مارس الماضي عقدت الأمم المتحدة عبر 6 مؤتمرات مانحين لدعم خططها الموصولة بالاستجابة الإنسانية في اليمن خلال سنوات الحرب والحصار الماضية، وبالأخص إيواء ومساعدة النازحين، حيث بلغ إجمالي ما جمعته الأمم المتحدة نحو أكثر من 10.25 مليارات دولار من أصل 19.9 مليار دولار كانت مطلوبة من قبل الأمم المتحدة في تلك المؤتمرات، ناهيك عن المنح الأخرى التي لا ترتبط بالمؤتمرات وإنما تتصل بتفاعل الدول المانحة مع تفاقم تداعيات الحرب في اليمن.

وتخصص الأمم المتحدة لعمليات مساعدة وإيواء النازحين حوالي 30% من المبالغ المتحصلة من المانحين كدعم للاستجابة الإنسانية في اليمن، وهي نسبة غير كافية، حيث أن جوهر العمل الإغاثي يجب أن يركز على النازحين في الدرجة الأساس، كونهم الأكثر تضررا بين السكان نتيجة الحروب.

الأخطر في القضية برمتها أن الأمم المتحدة تستهلك قرابة 80% من التمويلات على شكل نفقات تشغيلية لمكاتبها والعاملين على تصريفها من وسطاء ومنظمات دولية ومحلية -حسب مكتب “أوتشا” المتخصص في تتبع التمويل، الذي أكد أن ما استلمته الأمم المتحدة خلال الفترة (2015-2019م) من المؤتمرات وخارج المؤتمرات يبلغ نحو 15 ملياراً و14 مليون دولار، بينما يُقدر ما جمعته خلال العامين والنصف الماضيين بأكثر 10 مليار دولار.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً