تقرير خاص – يمن إيكو
لم تعد نقاط الأحزمة الأمنية متعددة الجبايات على الطرقات والخطوط الطويلة في مناطق سيطرة التحالف هي وحدها من تعرقل حركة النقل التجاري، وترفع أسعار السلع بنسبة 20%، بل إلى جانبها أضحت الطرق البديلة الوعرة نزيفاً مستمراً لأرواح المواطنين ومقدراتهم الاقتصادية والمعيشية من المركبات والبضائع، التي تسلك تلك الطرق البديلة ومنذ قطع التحالف للخطوط المعبدة والإسفلتية الطويلة.
وتغلق سلطات حكومة هادي، المدعومة من التحالف، منذ سبع سنوات طريق كرش -الشريجة – الراهدة، محولة حركة النقل وشحن البضائع إلى طرق (القبيطة – ظمران –الراهدة، شرقاً) وطريق (طورالباحة – هيجة العبد غرباً)، وهي الطرق التي حصدت على مدى الأعوام الماضية الأرواح وكبدت الاقتصاد خسائر بمئات الملايين من الريالات.
ففي فبراير 2019م- على سبيل المثال لا الحصر- أكدت أرقام الحوادث أن الطريق الرابط بين محافظتي إب والضالع، المعروف بنقيل الخشبة، شهد خلال أسبوعين فقط 10 حوادث انقلاب شاحنات كبيرة محملة بالبضائع ومواد غذائية، قدرت خسائرها بعشرات الملايين من الريالات.
وفي محافظة لحج أكدت شرطة السير أن العام 2021م شهد 162 حادث تصادم وانقلاب مركبات ركاب وشاحنات بضائع، نتج عنها وفاة 80 شخصاً، وجرح 175 آخرين، بينما بلغ إجمالي الخسائر المادية 110.500.000 ريال يمني.
وشهد طريق هيجة العبد الرابط بين محافظتي تعز وعدن- وفق إحصائية صادرة عن شرطة السير- خلال الأعوام الخمسة الماضية عشرات الحوادث نتج عنها وفاة وجرح قرابة 200 شخص، وتكبد المواطنون والتجار خسائر قدرت بـ165 مليون ريال يمني.
المؤسسة العامة للطرق والجسور التابعة لحكومة هادي ترجع عقب تلك الحوادث الكارثية لشاحنات البضائع ومركبات النقل، إلى غياب التزام السائقين والتجار والمواطنين بقانون الأوزان والأبعاد الكلية للمركبات، الذي يحظر زيادة الوزن الإجمالي لشاحنات نقل البضائع عن 20 طناً لشاحنة ذات محورين، و28 طناً لذات الثلاثة محاور، و33 طناً للشاحنة ذات المحورين مع مقطورة ذات محور واحد، و41 طناً لذات الأربعة محاور، و45 طناً لذات الخمسة محاور أو أكثر.
المؤسسة بتكرار هذه الأحاديث، وفق المراقبين، تتهرب من مسؤولياتها إزاء الطرقات متجاهلة أن القانون معني بالطرقات الإسفلتية المصممة بمعايير دولية وليس الطرق الترابية الوعرة التي اخترعتها سلطات حكومة هادي والتحالف، بدون مراعاة لتبعاتها الخطيرة، على أرواح المواطنين ومقدراتهم الاقتصادية والمعيشية.
الأكثر وجهة للفساد المالي والإداري، هو أن الطرق المغلقة وغير المغلقة لا تزال محل تركيز حكومة هادي في طلب الهبات والمنح من البرامج الأممية والدولية، حيث تستلم الجهات التابعة للحكومة ملايين الدولارات كمخصصات لصيانة هذه الطرق وشق طرق أخرى، وعلى مدى سبع سنوات، في وقت توقفت برامج ومشاريع الطرقات وبقيت نفقاتها.
ففي منتصف 2019، أعلنت سلطات مديريتا: المقاطرة والشمايتين في لحج وتعز، عن قطع طريق هيجة العبد الأسفلتي المعبد، بشكل كامل، لغرض استكمال أعمال الصيانة والترميم، ودعت المواطنين وسائقي المركبات الثقيلة، لتحويل المسار، مؤكدة أنه تم اعتماد 160 مليون ريال لكن تعثر المشروع دفع بالمؤسسة لتهيئة الطرق البديلة الأكثر وعورة.
وكشف الناشط سامي الأكحلي، في سبتمبر 2020، أنه “تم اعتماد ميزانية لأكثر من مرتين من قبل صندوق صيانة الطرق، ومع ذلك توقفت الأعمال فيها، وقد فشلت كل المحاولات التي أعلنت عنها السلطات خلال الفترة الماضية لإصلاح هيجة العبد، المنفذ الوحيد للمحافظة”.
وفي أواخر نوفمبر 2020 أعلنت السلطتان المحليتان في محافظتي لحج وتعز، تدشين العمل في طريق هيجة العبد من أجل مرور المركبات والناقلات إلى المحافظة، وهي من تمويل حكومة هادي ووزارة الأشغال، والمؤسسة العامة وصندوق صيانة الطرق، بيد أن الأعمال كالعادة توقفت.
وفي مطلع 2021م أكدت مصادر في حكومة هادي أنه تم التعاقد مع برنامج إعادة إعمار اليمن، لكن المناقصة التي كان يفترض أن تعلن كنتيجة لذلك العقد لم ترَ النور، وظلت الإعلانات عن مشاريع ترميم وصيانة متكررة، كان آخرها ما أعلن في 23 يناير الماضي عن توقيع عقد مشروع إعادة تأهيل طريق عقبة هيجة العبد (الطريق الجبلية الواصلة بين تعز ومدينة لحج وعدن)، بعد سنتين على اتفاقية مماثلة لصيانة الطريق بقيمة 466 مليوناً و 793 ألف ريال، لكنها لم تنفذ.