يمن ايكو
مقالات

المخاطر السيبرانية.. واقع وتحديات

بقلم: د. غسان الطالب 

 

اهتمام متواصل ومنقطع النظير في موضوع الأمن السيبراني من مؤتمرات وندوات ونقاشات، كذلك على مستوى الأبحاث والدراسات، حتى على مستوى جامعاتنا المحلية بدأت تتسابق لفتح تخصصات معنية بالأمن السيبراني، أو أمن المعلومات وبمسميات متعددة، فما الأمن السيبراني؟
الأمن السيبراني “هو عبارة عن مجموع الوسائل التقنية والتنظيمية والإدارية التي يتم استخدامها لمنع الاستخدام غير المصرح به، وسوء الاستغلال واستعادة المعلومات الإلكترونية، ونظم الاتصالات والمعلومات التي تحتويها، وذلك بهدف ضمان توافر واستمرارية عمل نظم المعلومات وتعزيز حماية وسرية وخصوصية البيانات الشخصية، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المواطنين والمستهلكين من المخاطر في الفضاء السيبراني”، وفي مفهوم آخر هو عبارة عن إجراءات ووسائل حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الإلكترونية التي تسعى للوصول إلى بيانات المؤسسة والتلاعب بها أو إتلافها، إما لأغراض تنافسية أو قرصنة، الهدف منها الابتزاز المادي أو المعنوي.
فمع التطور الهائل والانتشار الكبير في استخدام أنظمة التواصل الإلكتروني والوسائل التكنولوجية الحديثة، أصبح معها اعتماد الاقتصاد العالمي على هذه التكنولوجيا شبه كلي، وخاصة في مؤسساته المالية والمصرفية وفي تنفيذ معاملاته المحلية أو مع العالم الخارجي، ومن الطبيعي أن يكبر التحدي وتزداد الجرائم الإلكترونية وعمليات النصب والاحتيال، وعمليات الاختراق المنظمة لبيانات هذه المؤسسات، إذاً نحن أمام تحدٍ كبيرٍ في المحافظة على أمن المعلومات لمؤسساتنا في وقت يزداد حجم وتعقيدات الهجمات السيبرانية في مناطق مختلفة من العالم، خاصة منطقتنا العربية والإسلامية كونها مستهلكة للخدمات الإلكترونية وليست منتجة لها، خاصة في قطاع المؤسسات المالية والمصرفية لما تمثله من دور محوري في النشاط الاقتصادي، وعند نجاح هذه الاختراقات أو الهجمات الإلكترونية، إن جاز التعبير، فإنها تلحق أضراراً فادحة بسمعة المؤسسة وتسبب خسائر مالية ومعنوية قد يتضرر بسببها عملاء المؤسسة نفسها، إذاً يتوجب علينا أن نعمل على ضمان سير التعاملات الإلكترونية واستمراريتها في بيئة تكنولوجية آمنة، ورفع كفاءة مؤسساتنا المالية والمصرفية لمواجهة التحديات والأخطار السيبرانية، التي يمكن أن تواجهها من خلال اعتماد التقنيات الوقائية، ووسائل الحماية كافة، اللازمة ضد هذه الأخطار الإلكترونية حفاظاً على الاستقرار الأمني المعلوماتي لهذه المؤسسات.
المتتبع للتحديات والخسائر التي تسببت بها عمليات الاختراق والقرصنة التي تعرضت لها العديد من المصارف، خاصة في منطقة الخليج العربي، يلاحظ حجم المبلغ الذي يقدر بحدود مليار دولار خلال السنوات السابقة، أما على مستوى العالم، فإن مؤسساته المالية والمصرفية وبعض القطاعات الاقتصادية تتجاوز خسائرها السنوية ما يقرب الـ700 مليار دولار، وكلما تطورت وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، طور قراصنة المعلومات والفضاء السيبراني من مهاراتهم بشكل كبير ومتسارع؛ حيث تقدر الخسائر التي سيتسبب بها للاقتصاد العالمي مع نهاية عام 2025 بحوالي 3 تريليونات دولار، وهو رقم كبير جداً ومؤثر سلباً في الوقت نفسه على الاقتصاد العالمي، ويمثل عبئاً مالياً ضخماً للمؤسسات المالية والمصرفية في العالم والدول المستهدفة.
صندوق النقد الدولي له تقديراته بهذا الخصوص، حيث يقدر خسائر قطاع البنوك في 50 دولة حول العالم تعرضت لقرصنة المعلومات بحدود 9% من صافي دخل مؤسساتها المصرفية، لهذا أصبح من المهم جداً اتخاذ الاحتياطات كافة اللازمة لمواجهة هذه المخاطر وتعزيز قدراتها لمواجهة المخاطر السيبرانية والهجمات الإلكترونية المحتملة كافة.
الوقت لا يزال أمام مصارفنا الإسلامية، فهي مستهدفة كما هي بقية المؤسسات المالية والمصرفية في أنحاء العالم بهذه الهجمات الإلكترونية، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لمواجهة المخاطر السيبرانية، وهي تمتلك من الخبرات والإمكانيات ما يتيح لها ذلك لحماية برامجها وبياناتها وتعزيز قدرتها التنافسية كذلك.

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن صحيفة “الغد” الأردنية

أترك تعليقاً