تقرير خاص
في خطوة اعتبرها مراقبو الاقتصاد استدراجاً دولياً جديداً لحكومة هادي، نحو مزيد من السياسات التي لا تقود إلا إلى إضعاف العملة الوطنية (الريال)، كشف الخبير الاقتصادي عباس المشرقي، المقرب من حكومة هادي، عن أن الجزء من الخطة الدولية المالية المقدمة لبنك مركزي عدن والكفيلة بنجاحه لم تتكشف بعد.. مؤكداً أن الخطة- التي وصفها بالمنهجية ببنائها على مواصفات دولية معتمدة لدى جامعات أمريكية وأخرى سعودية وعربية- سترشده إلى السياسات المالية والنقدية في التعامل مع سوق العملات.
الأخطر في الخطة التي بدأت مساراتها الإجرائية بخوض بنك البنوك لمضمار المضاربة بنفسه عبر الإعلان عن المزاد الأول والثاني، ويستعد الآن للمزاد الثالث المنتظر إعلانه الثلاثاء المقبل 23 نوفمبر، أنها تدفع البنك إلى إتخام السوق بالدولار وبأسعار لا يفرق بينها والسوق السوداء أكثر من 25 ريالاً، فإذا كان الدولار في السوق السوداء بـ1550 ريالاً فإن البنك سيبيع كتلة دولارية كبيرة للمشترين في مزاد علني وبسعر 1525 ريالاً يمنياً للدولار الواحد، ما يعني أن البنك بالذات هو من تحول إلى شركة صرافة تنافس في السوق السوداء.
مراقبو الاقتصاد اعتبروا مآلات المزادات العلنية للكتلة الدولارية لن تخدم الريال بقدر ما تجعله أمام مصير حتمي من التلاشي والانحسار والضعف، لصالح التعامل بالعملة الصعبة في السوق المحلية اليمنية في مناطق سيطرة التحالف، مؤكدين أن هذه السقطة الحرة الجديدة تُعدُّ أسوأ فخ على طريق بنك مركزي عدن، ووضعته بإحكام الاستشارات الدولية وتحديداً الأمريكية والسعودية التي تسعى لإغراق السوق في مزيد من الأزمات.
وأشار المراقبون إلى أن تحقق مثل هذه النتائج لا يخرج عن ترجمة واضحة لتهديدات السفير الأمريكي لوفد صنعاء في مفاوضات الكويت بأنه “سيجعل الألف الريال لا يساوي قيمة الحبر الذي طبع به”.
ولفت المراقبون إلى أن الانهيار المتسارع للعملة اليمنية في الأسابيع الأخيرة التي شهدت المزادات العلنية فرض واقعاً تجارياً ومالياً رجح كفة التعامل بالدولار الأميركي على حساب الريال، في كل شيء، من الغذاء إلى السلع الأخرى، إلى الإيجارات وغيرها، لا سيما في عدن التي يمتنع فيها التجار عن البيع بالآجل، ما يفاقم الظروف المعيشية القاسية التي يواجهها المواطنون.
وكانت مصادر تجارية أكدت أن تجار الجملة أوقفوا من جانبهم البيع الآجل للبقالات ومحلات التجزئة، وهو ما شل عمليات البيع للمواطنين، وتعذر على كثير منهم الحصول على المواد الغذائية والسلعية، إلا بصعوبة كبيرة، وهو ما حدا بالمنظمات الدولية التحذير من أن هذه المعاملات ستفضي إلى زيادة كبيرة للأسر التي تعاني الفقر المدقع وانعدام الأمن الغذائي الحاد، والتي اضطرت إلى اتباع آليات التكيف السلبية، مثل الحد من استهلاك الأغذية وتقليص الوجبات وبيع الممتلكات، وتعاظم مديونية الأسر للمحلات التجارية المتخصصة في بيع المواد الغذائية والاستهلاكية لتشكل 70% من مديونية الأسر اليمنية في مناطق سيطرة التحالف.