تقرير خاص
حذر خبراء دوليون من أن استمرار انهيار قيمة الريال يضع 1.2 مليون موظف يمني في مواجهة المجاعة، فضلاً عن ملايين الفقراء الذي فقدوا مصادر عيشهم ودخلهم تحت ضغط حرب التحالف في اليمن للعام السابع على التوالي، مؤكدين أن خطورة بلوغ سعر الصرف في مناطق سيطرة التحالف أكثر من 1520 ريالاً لا تكمن في اشتعال أسعار المواد الغذائية مقابل انهيار قدرة المواطن الشرائية فحسب، بل يتركز انهيار القيمة النقدية للمدخرات، فما كنت ستشتري به منزلاً قبل بدء الحرب والحصار في 26 مارس 2015م لا تسطيع أن تؤمّن به اليوم الإيجارات والمصروفات اليومية لستة أشهر نظراً للبون الشاسع بين القيمتين (215 ريالاً للدولار) قبل الحرب والحصار، و(1537) ريالاً يمنياً للدولار الواحد اليوم بعد مرور سبع سنوات من الحرب.
ولحساب المفارقات الحقيقية بين الزمنين، كان الإيجار لا يزيد عن 25 ألف ريال والكيس الدقيق 50 كيلو جراماً 5000 آلاف ريال لا غير، ومصروفاتك الشهرية لا تزيد عن 75 ألف ريال، في حين كان سعر صرف الدولار لا يزيد عن 215 ريالاً، وكان إجمالي مدخراتك مثلا 6 ملايين ريال، تستطيع بها شراء منزل متواضع بأطراف أي مدينة يمنية (صنعاء، أو عدن أو الحديدة أو غيرها) أما اليوم فإن الإيجار أصبح قرابة 200 ألف ريال، وكيس الدقيق عند 50 ألف ريال، وبقية المصاريف الشهرية مثلاً في حالة الاقتصاد الشديد لا تزيد عن 750 ألف ريال، وفي قت وصل الدولار 1537 ريالاً يمنياً، ما يعني أنك ستصرف مدخراتك في 6 أشهر، في حال استقرت الأسعار عند الحدود المذكورة.
وإذا كان الحصار واحتجاز السفن واستهداف الموانئ قد فاقم الأوضاع الإنسانية في مناطق سيطرة صنعاء، موصلاً الدولار إلى الحد المستقر 600 منذ ثلاثة أعوام تقريباً، ليؤثر في مرتبات الموظفين وقيمتها النقدية، فضلاً عن توقفها بعد نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن في أواخر 2016م بإيعاز من التحالف، فإن الأخطر اليوم من ذلك هو ما يجري في مناطق سيطرة التحالف، يتركز في رواتب الموظفين التي هوت قيمتها– حسب الاقتصاديين- إلى مستويات متدنية لم تكن متوقعة على الإطلاق، فمرتبات التربية والتعليم سقطت من 350 دولاراً قبل سيطرة التحالف على تلك المناطق، إلى 60 دولاراً، في حين هوت القيمة النقدية لمرتب الأستاذ الجامعي إلى 160 دولاراً بعد أن كان قبل سبع سنوات أكثر من ألف دولار.
المراقبون يؤكدون أن هذه الحدود الدنيا لقيمة المرتبات النقدية لا تمثل المشكلة الأساس، بل فيما يعانيه الموظفون العسكريون ورجال الأمن والمدنيون، من تأخير مرتباتهم لعدة أشهر، ما يجعل قيمتها النقدية تتعرض للتآكل المستمر وسط مسار انحداري لقيمة الريال ومسار آخر صعودي حاد لأسعار المواد الغذائية.. لافتين إلى أن الفارق بين حجم الكارثة في مناطق حكومة هادي ومناطق حكومة صنعاء وبنسبة 90% لصالح الأخيرة، يضع حكومة هادي المدعومة من التحالف أمام المساءلة القانونية والجنائية، لأن هذه النتائج ناجمة عن قرار نقل وظائف البنك المركزي الرئيسي إلى عدن، وتحملها مسؤولية المرتبات أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
ويرجع خبراء الاقتصاد انهيار قيمة العملة إلى أسباب عدة، تكمن أبرزها في استمرار السياسات المالية والنقدية الخاطئة وإتخام السوق بالكتل النقدية من الأوراق المطبوعة خارج القوانين واللوائح الناظمة للتعاملات البنكية والمصرفية، ودخول بنك مركزي عدن على خط المضاربة متدثراً بشعارات التحكم بالسوق، بدون أن يعترف بانسياقه الجبري وراء السوق السوداء وجشع المضاربين، ومنع التحالف السعودي الإماراتي، حكومة هادي التي يدعمها في الرياض من استئناف تصدير الغاز وتسهيل عودة الشركات النفطية للعمل، والتي كانت قد غادرت البلاد مع بدء الحرب والحصار بقيادة السعودية في 2015م.
وتؤكد التقارير أن عائدات الصادرات النفطية والغازية تؤمّن 80٪ من حاجة اليمن إلى العملات الصعبة، كما أن الدولة تعتمد على صادرات النفط والغاز، لتمويل 70% من ميزانيتها السنوية المقدرة بنحو 14.5 مليار دولار، بحسب بيانات ميزانية 2014.