يمن ايكو
تقارير

📃جلسة مجلس الأمن رقم (49).. إضافة جديدة لسجل الكذب الأممي بشأن إيقاف الحرب ورفع الحصار

تقرير خاص

“رفع الحظر على كافة الموانئ والمطارات اليمنية”.. شعار واضح وصريح، تداوله مشاركو جلسة مجلس الأمن رقم (49)، بمن فيهم مبعوث أمين عام الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الذي أكد في إحاطته الثانية منذ تعيينه مبعوثاً إلى اليمن، أن إصلاح أضرار الحرب التي طالت البنى التحتية المدنية يحتاج إلى عقود من الزمن، لكنه لم يشر إلى أن مسؤولية جنائية تترتب على التحالف إزاء ما حل باليمن من دمار.

هذا الشعار الذي أطلقه هانس وبهذه الصراحة، أمام مجلس الأمن– الذي عقد جلسته لأول مرة منذ بدء الحرب بالتزامن مع الذكرى الـ 58 لثورة الـ 14 من أكتوبر- ليس الأول، ولن يكون الأخير، فقد قاله ثلاثة مبعوثين سبقوه إلى اليمن، بتكرار أكثر من 45 مرة، بالتفاؤل نفسه والآلية، لكن الجديد هذه المرة أن العالم لم يعد يثق بهذا الشعار، إذ لا أثر للشعارات السابقة من حيث التطبيق المفترض لتصريحات وبيانات جهة تدعي أنها وسيط، وأن بيدها إقرار السلام، خصوصاً بعد أن تحولت إلى طرف واضح في الحرب على اليمن-حسب المراقبين.

المبعوث الخاص هانس كسابقه، ليس مبالياً بأنه يكذب ثم يكذب، وليس بجاهلٍ لوعود الأمم المتحددة التي طالما أكدت وطالبت التحالف بضرورة رفع القيود عن الواردات الغذائية والوقود، بل يدرك جيداً أنه يكرر النسخة نفسها، ويلعب الدور ذاته مع معرفته الكاملة بأن قرابة 60 تصريحاً أممياً منح خلال الفترة (1 يناير 2020 – 4 أغسطس 2021) لنحو 60 سفينة وقود فقط غير سفن الغذاء والدواء، ظلت كل تلك التصاريح الممهورة بتوقيع الأمم المتحدة ممثلة بآلية التحقق والتفتيشUNFIM محتجزة مع تلك السفن في عرض البحر، وعاجزة عن الوصول إلى ميناء الحديدة، محملة الشعب اليمني غرامات تجاوزت 150 مليون دولار- ما يقارب 100 مليار ريال يمني- وهذه الفترة على سبيل المثال وليس الحصر.

وتناسى هانس عند تأكيده أهمية فتح مطار صنعاء الدولي الذي يخدم 25 مليون يمني، أن قرابة 40 مطالبة أممية ودولية ومنظمات مجتمع مدني جميعهم طالبوا ومن داخل مجلس الأمن بفتح مطار صنعاء منذ إغلاق المطار، وفي وجه المرضى بالداخل والعالقين في الخارج، في 9 أغسطس 2016م.

ورغم معرفته لتلك الحقائق الصادمة للعالم، كرر هانس دعوة سابقيه نفسها لجميع الأطراف اليمنية إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتأثرة بطريقة آمنة ومستمرة، وفي وقتها، وكما لو أن صنعاء هي من تحاصر السفن في البحر، وتحاصر المطارات. وتبعاً لذلك لا غرابة في أن يعتبر المراقبون للملف اليمني تلك الإحاطة مجرد استهلاك شهري وترويجي لما تقوم به الأمم المتحدة كطرف في الحرب، وليس وسيطاً بين الضحية والجلاد.
وفيما أوضح المبعوث الأممي في إحاطته الأخيرة، والمستنسخة من سابقاتها بفارق تغيير التاريخ والتوقيع، أن إصلاح أضرار الحرب التي طالت البنى التحتية المدنية يحتاج إلى عقود من الزمن، لكنه لم يشر إلى أن مسؤولية جنائية تترتب على التحالف إزاء ما حل باليمن من دمار.

معطيات الواقع، واستمرار التحالف في تصعيد استهدافه لموارد البلد الاقتصادية، تؤكد للعالم أن الأمم المتحدة عبر تاريخها لا تعني ما تقول. حتى وإن أضاف مبعوثها الجديد: “رغم أنه لا بد من إحراز التقدم المرحلي في الشؤون الاقتصادية والإنسانية العاجلة، لا يمكن تحقيق حل مستدام إلا من خلال تسوية سياسية شاملة قائمة على التفاوض”. فلا معنى لقوله سوى العكس على أرض الواقع، فقد تكرر هذا في إحاطات المبعوثين والمسئولين الأمميين من قبله في 44 جلسة لمجلس الأمن منذ بدء الحرب في اليمن، من غير الإيضاحات التي طرحت في 5 جلسات مغلقة، والتي يرى مراقبون أن الجلسات المغلقة هي من أدارت قضايا الحرب المسكوت عنها، لمساسها بموارد اليمن النفطية والغازية ومصالح قوى الهيمنة الاقتصادية عالمياً.

ومن منظور مادي ليس المهم ما يقوله المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن بالنسبة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، لانطوائها على أبعاد سياسية دولية، فالأهم من الجلسات شبه الشهرية منذ بداية الحرب، هو دعوة المانحين من أهم منصة أممية ودولية (مجلس الأمن) إلى مضاعفة الدعم المالي باسم اليمن المنكوب.. ليؤكد كسابقيه من الأمناء العامين المساعدين للشؤون الإنسانية وكيل الأمين العام للشؤون نفسها ونائب منسق الإغاثة الطارئة، راميش راجاسينغهام، في إحاطته لمجلس الأمن، نفس العبارات التي لا تعدو عن كونها مزايدات تهويلية لاستجلاب المزيد من الأموال باسم اليمن، حيث أكد أن أكثر من 20 مليون شخص- أي ثلثي السكان- يحتاج إلى المساعدة من وكالات الإغاثة، مطالباً كعادته وسابقيه بضرورة زيادة الموارد والأموال والمنح من أجل تمويل مشاريع الإغاثة الإنسانية، ومساعدة المحتاجين.

 

وحيال ما تشهده مناطق سيطرة التحالف من انهيار متسارع وغير مسبوق، وتبعات ذلك الانهيار على مظاهر الحياة، قال راجاسينغهام بصريح البيان: “إن الأشخاص والشركات معرضون بشدة للتغيرات في الأسعار العالمية، وخاصة أسعار الصرف وضرائب الاستيراد. لافتاً إلى سعر صرف الدولار الذي بلغ 1270 ريالاً للدولار الأمريكي في عدن، مرتفعاً ستة أضعاف عن ما كان عليه قبل الحرب”.. غير أنه تناسى مساهمة التحالف في فرض هذا الواقع من الانهيار في مناطق سيطرة حكومة هادي، فيما هو يسيطر على منابع النفط والغاز وعائدات صادراتهما.

وكما لو أنه لا يعلم دعوات سابقيه الزائفة التي ذهبت في الفراغ، دعا راجاسينغهام إلى تخفيف القيود على الحياة الاقتصادية، وضمان فتح موانئ اليمن بالكامل، بما في ذلك رفع قيود الاستيراد عن الحديدة والصليف، متناسياً أن أكثر من 100 بيان إعلامي ما بين إحاطة ومطالبة ودعوة أممية ودولية (من دول أعضاء ومنظمات مدنية عالمية) صدرت حيال ضرورة تحييد ميناء الحديدة، منذ تم استهداف الميناء صبيحة 26 مارس 2015م، لكن لا أثر لها على الواقع ولا مجال لأن تترجم هذه البيانات إلى قرارات صارمة تلزم التحالف بتحييد الاقتصاد، وعلى رأسها الموانئ التي تشكل شريان حياة 30 مليون نسمة.

وفيما شدد راميش راجاسينغهام على ضرورة دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، التي يعتمد عليها ربع السكان لكونها ضرورية للحفاظ على الخدمات الأساسية قائمة، مثل المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم، تناسى قيامة التحالف ومعه الأمم المتحدة، على قرار صنعاء الصادر في يوليو 2020م والذي قضى بصرف نصف راتب لموظفي الدولة من إيرادات موانئ الحديدة المودعة في بنك مركزي الحديدة بناء على اتفاق السويد.

جلسة مجلس الأمن الأخيرة وإن بدت محمولة على سيل هائل من الدعوات الإيجابية إزاء قضية إيقاف الحرب ورفع الحصار وإطلاق سفن الوقود المحتجزة، تظل كسابقاتها سطراً في سجل الكذب الأممي وإن أكد ممثلو عدد من الدول الأعضاء في المجلس أهمية إنهاء الحرب ورفع الحظر على المطارات والموانئ، بما في ذلك ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي، فلا جديد في دعواتهم سوى استمرار الحرب والحصار، ومزيد من ضياع الموارد النفطية والغازية في مناطق سيطرة التحالف وانهيار العملة إلى قرابة 1500 ريال للدولار الواحد.

وتبقى الإشارة إلى ما اعتبره مراقبون جديداً في الجلسة بما أوضحته ممثلة منظمات المجتمع المدني في المجلس ميساء شجاع الدين (من مركز صنعاء للدراسات- يمني غير حكومي) التي دعت المجلس صراحة لإصدار قرار يتبنى الضغط على السعودية من أجل فتح جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية لليمن بما فيها مطار صنعاء، ورفع القيود المفروضة على دخول وخروج السلع الأساسية.. وطالبت المجلس في إحاطتها بالضغط على الرياض للتوقف عن طرد وتضييق الخناق على العمالة اليمنية، واستثنائها من سياسات السعودة وتصحيح أوضاع العمالة اليمنية غير النظامية.. مشيرة إلى أن تراجع أعداد اليمنيين المقيمين في السعودية ومضايقة المتبقين في نشاطاتهم الاقتصادية أثر سلباً على أوضاع ملايين اليمنيين في الداخل، وبالتالي تفاقمت حدة الأزمة الإنسانية الحالية في اليمن.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً