تقرير خاص-يمن ايكو
تتأهب حكومة هادي خلال الأيام القليلة المقبلة لتسلُّم مبلغ يتجاوز نصف مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وهو المبلغ الذي يمثل حصة اليمن من وحدات السحب الخاصة بالصندوق، التي أعلن عنها مطلع أغسطس الجاري، في أكبر عملية توزيع يقوم بها الصندوق عبر تاريخه، حيث خصص مبلغ 650 مليار دولار لإنعاش الاقتصاد العالمي، ودعم السيولة العالمية في ظل تفشي جائحة كورونا، حسب البيان الصادر عن الصندوق.
حصة اليمن من وحدات السحب الخاصة المقدمة من صندوق النقد الدولي، كقروض مرتفعة الفائدة، وتتضاعف فائدتها مع مرور السنوات، والتي تعادل 555 مليون دولار، قالت حكومة هادي إنها ستخصص لتعزيز احتياطات البلد من العملات الصعبة ودعم قيمة العملة، التي تواصل التدهور في مناطق سيطرتها، والتي تراجع فيها سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، متجاوزاً حاجز الـ 1000 ريال للدولار الواحد.
ويأتي السؤال عن الكيفية التي ستتعامل بها الحكومة، التي سبق وأن استنفدت مليارات الدولارات من احتياطي البنك المركزي اليمني من النقد الأجنبي، بالإضافة إلى الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار، والتي على إثر استنفادها اتهمت لجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن الدولي أواخر يناير الماضي البنك المركزي في عدن بممارسة الفساد وغسل الأموال.
خبراء اقتصاد أكدوا من جهتهم أن المبلغ الذي خصصه صندوق النقد الدولي كحصة اليمن من عملية التوزيع الكبرى، التي قام بها مطلع الشهر الجاري، والذي تستعد حكومة هادي لسحبه خلال الأيام القليلة المقبلة، لن يحدث أي تحسن في سعر صرف العملة المنهار في مناطق سيطرة حكومة هادي، مشيرين إلى أن هذا المبلغ، الذي خصصه صندوق النقد ضمن اشتراطات قد تكون مجحفة وبأسعار فائدة قد تتجاوز المبلغ الممنوح خلال سنوات قليلة، سيكون ضرره على الاقتصاد اليمني أكثر من نفعه، حيث سيضيف خلال ثلاث سنوات مليار دولار إلى الدين الخارجي على البلاد، الذي قفز في ظل حكومة هادي من 6 مليارات و765 مليون دولار عام 2014، إلى 9 مليارات دولار نهاية 2019.
وتنبأ الاقتصاديون لمبلغ القرض المقدم من صندوق النقد الدولي، بمصير مشابه لمصير الوديعة السعودية، التي بدأ فريق أممي تحقيقاً حول عمليات الفساد وغسل الأموال وذهابها لصالح أشخاص وكيانات مرتبطة بحكومة هادي، فيما حرم أبناء الشعب من الاستفادة منها، بحسب تقرير فريق الخبراء المراقب للعقوبات الدولية المشار إليه، والذي أكد أن حكومة هادي انخرطت في ممارسات تبييض أموال وفساد أثرت سلباً في حصول اليمنيين على الإمدادات الغذائية الكافية، في انتهاك للحق في الغذاء، حيث نفذت خطة لتحويل أموال من الوديعة السعودية “والتي تُعدُّ أموالاً عامة”، بشكل غير قانوني إلى تجار.
وأضافوا أن حكومة هادي والتحالف، وكذلك المجتمع الدولي، يدركون أن أي دعم يقدم لهذه الحكومة التي ثبت فشلها وفسادها وتورطها في قضايا تبييض أموال، لا يمكن أن يساعد في إحداث أي ملامح إنعاش للاقتصاد اليمني، بما في ذلك وقف التدهور المستمر للعملة، في المحافظات التي تسيطر عليها، لافتين إلى أن قرابة ثلاثة أعوام منذ بد الانهيار الحاد لسعر العملة، كانت بمثابة فرصة كافية لخلق معالجات تحد من هذا الانهيار وتحفظ للعملة قيمتها، سيما في ظل استحواذ هذه الحكومة على موارد البلد الاقتصادية من عائدات النفط والغاز والمنافذ البرية والبحرية والجوية، واستئثارها بالمساعدات الدولية والمنح وغيرها.
وكانت تأكيدات خبراء اقتصاد وأكاديميين قد ذكرت أن الدعم المالي لا يمثل حلاً للتردي الاقتصادي الحاصل في البلاد، وأزمة انهيار سعر العملة، كون ذلك التردي والانهيار ناتجاً عن مسببات يأتي على رأسها استمرار الحرب، وما أنتجته من صراعات متعددة، وما ترتب عليها من تأثيرات اقتصادية، جراء استخدام اقتصاد البلاد كورقة حرب، مشيرة إلى أن أي دعم أو حديث عن جهود للإنعاش الاقتصادي في ظل استمرار الحرب العسكرية والاقتصادية على السواء، يظل مجرد استعراض للوهم الذي يباع للشعب اليمني منذ سنوات، فيما تزداد معاناتهم يوماً بعد آخر جراء الوضع الاقتصادي والمعيشي المتفاقم.
وإلى جانب الحرب الاقتصادية والعسكرية، يأتي الدور الذي تلعبه حكومة هادي في تدمير اقتصاد البلاد، سواء عبر الفساد المستشري بين مسئوليها ونافذيها، والنهب الممنهج لموارد البلاد الاقتصادية من قبل الفصائل والجماعات الموالية للتحالف، أو عبر السياسات الاقتصادية والمالية التي انتهجتها هذه الحكومة، والتي ساهمت بقدر كبير في تدمير مقدرات البلد الاقتصادية وسرَّعت وتيرة التردي الاقتصادي وانهيار سعر العملة أمام العملات الأجنبية، لتأتي مزاعم المعالجات من قبل هذه الحكومة مؤخراً، وذلك عبر إجراءات عدمية، يأتي على رأسها إصدار المزيد من الطبعات النقدية للعملة، بعد أن طبعت منها خلال السنوات الأربع الماضية أكثر من 5 تريليونات، وكذا رفع سعر الدولار الجمركي بنسبة 100%، من 250 ريالاً إلى 500 ريال، الأمر الذي يؤكد خبراء الاقتصاد أن نتائجه ستكون كارثية على الواقع الاقتصادي والمعيشي في البلاد.