تقرير خاص-يمن ايكو
تتفاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن يوماً بعد آخر، مع استمرار الحرب التي تشهدها البلاد، منذ عام 2015، وما صاحبها من تدمير للبنى التحتية وتقويض لبيئة الاستثمار وتقييد للواردات وإغلاق للمنافذ البرية والبحرية والجوية، غير أن ما زاد من تفاقمها باتفاق المحللين وخبراء الاقتصاد، هو السياسات الاقتصادية المتخبطة التي تتبعها الحكومة المدعومة من التحالف، وما يشوب أداءها من هدر ونهب وتعطيل للموارد، وعدم ضبط الأوعية الإيرادية، بحيث تصب جميعها في خزينة الدولة، وبما يسهم في كبح التدهور الاقتصادي الحاصل في البلاد.
وفي خضم التدهور الاقتصادي يشير المحللون وخبراء الاقتصاد، إلى أن ما تم هدره ونهبه من أموال منذ بداية الحرب يوازي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي وعشرة أضعاف المديونية الحكومية في اليمن، مؤكدين أن اليمن يعاني من إشكالية مزمنة تتعلق بالموازنة العامة للدولة، وعدم القدرة على تمويل أكثر من 90% من النفقات الحكومية من المصادر والإيرادات العامة، بحيث يتم اللجوء على الدوام إلى التمويل عبر الدين العام الداخلي أو الخارجي.
في الوقت ذاته تواصل الصادرات السلعية تراجعها بشكل كبير بعد انخفاضها من حوالي 2.42 مليار دولار عام 2014 إلى 0.51 مليار دولار عام 2015، ثم عادت إلى الارتفاع وبلغت 2.34 مليار دولار عام 2017، قبل تراجعها مجدداً لتصل إلى 1.57 مليار دولار عام 2019، حسب بيانات رسمية، فيما تناقصت أيضاً قيمة الواردات من 12 مليار دولار عام 2014 إلى 6.57 مليار دولار عام 2015 لتعاود الارتفاع وبشكل مستمر منذ عام 2017 إلى أن وصلت إلى 10.16 مليار دولار في 2019.
ولجأت حكومة هادي إلى الدين العام الداخلي بسبب تعليق الدعم الأجنبي، لتمويل العجز المتفاقم، إضافة إلى ما يشهده الاقتصاد الوطني من انكماش في الناتج المحلي الإجمالي، حيث يشير تقرير رسمي، إلى تزايد نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 44.5% عام 2014 إلى نحو 100.3% مطلع العام الماضي 2020، وبمتوسط سنوي بلغ 93.2% خلال السنوات الأخيرة، مع ما يحمله الاقتراض المباشر من مخاطر كثيرة على الوضع الاقتصادي، كزيادة الضغوط على ميزان المدفوعات، وإضعاف العملة الوطنية، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم، وتدني مستويات المعيشة.
ووفق بيانات اقتصادية، فقد ترتب على الحرب الدائرة في اليمن منذ ست سنوات، ارتفاع الدين العام الحكومي من حوالي 1.1 تريليون ريال إلى 7 تريليونات ريال، إذ أصبح الدين الحكومي يتجاوز حجم الإنتاج المحلي الإجمالي، كما تزايد عبء الدين العام مقارنة بحجم الإيرادات.
من جهتها أكدت الدكتورة مناهل ثابت، رئيسة المنتدى الاقتصادي للتنمية المستدامة، أن اليمن يعاني من مشكلات هيكلية تاريخية في الاقتصاد الكلي، وقد زادت هذه الأوضاع تعقيداً مع استمرار الحرب.. موضحة في منشور لها على “فيسبوك” أن المشكلات الرئيسة للاقتصاد اليمني تتلخص في ثلاثة مكونات، وهي الناتج المحلي الإجمالي، الميزانية العامة وميزانية المدفوعات.
وأضافت أن مشكلة تدني الاحتياطات الخارجية من العملات الصعبة إلى مستويات حرجة، والعجز الملحوظ في إعادة بنائها في ظل تراجع متحصلات البلد من النقد الأجنبي وسوء الإدارة الحكومية للموارد، وانتهاج سياسة عقيمة في إدارة السياسة النقدية والمالية أفضت بالاقتصاد اليمني لتدهورٍ متسارعٍ، انعكس بشكل أكثر حدة في سعر العملة الوطنية “الريال”، نتيجة سوء إدارة الموارد وافتقاد الحكومة لموازنة مالية واقعية وغياب سياسة مالية ونقدية منسجمة.
ويؤكد المحللون وخبراء الاقتصاد، أن الأوضاع الاقتصادية التي آلت إليها البلاد، تحتم ضرورة الإسراع بتعبئة الموارد الحقيقية اللازمة لتمويل النفقات الحتمية، وأهمها استئناف إنتاج وتصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال، كما كان عليه الحال قبل الحرب، على أن يترافق ذلك مع إجراءات أكثر شفافية، تضمن توجيه عائدات النفط إلى البنك المركزي، غير أنهم يستبعدون أن تجدي أي حلول في احتواء تبعات الانهيار الاقتصادي وتسارع تهاوي العملة الوطنية في ظل هذا الانقسام المالي والنقدي المتوسع في اليمن.