يمن إيكو|تقرير:
ارتفعت وتيرة المواجهة العسكرية بين حزب الله اللبناني وإسرائيل إلى مستوى غير مسبوق منذ أكتوبر الماضي، بعد تفجير أجهزة الاتصالات في لبنان واغتيال قيادات ومقاتلين من الحزب الذي رد سريعاً بتوسيع نطاق هجماته لتشمل مدينة حيفا الاستراتيجية، بما في ذلك قاعدة عسكرية جوية كبرى هي الوحيدة من نوعها في شمال إسرائيل، وسط تحذيرات من الانزلاق نحو حرب مفتوحة بين الجانبين.
وبعد إصابة الآلاف بتفجير عدد كبير من أجهزة “البايجر” والاتصالات اللاسلكية في لبنان، وهو ما اتهم حزب الله إسرائيل بالوقوف وراءه، وقيام الجيش الإسرائيلي لاحقاً باغتيال القائد البارز في الحزب إبراهيم عقيل، وعشرات من المقاتلين والمدنيين، أطلق حزب الله، منذ ما قبل فجر اليوم الأحد، هجمات غير مسبوقة طالت قاعدة “رامات ديفيد” الجوية ومجمع الصناعات العسكرية لشركة “رافائيل” في منطقة حيفا.
ووثقت مقاطع فيديو نشرها إسرائيليون اندلاع حرائق في القاعدة الجوية التي تعتبر الوحيدة من نوعها في شمال إسرائيل، وهي واحدة من ثلاث قواعد فقط داخل إسرائيل بأكملها، وتحتوي على أسراب من الطائرات الحربية والمروحية المتنوعة، كما وثقت المقاطع وقوع أضرار كبيرة في عدة مناطق داخل حيفا.
وهذه هي المرة الأولى التي يتسع فيها نطاق هجمات حزب الله إلى هذا المدى منذ بداية عملياته لدعم المقاومة الفلسطينية في معركة “طوفان الأقصى” في الثامن من أكتوبر الماضي، وقد أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذه الهجمات هي الأطول مدى من لبنان منذ ذلك الوقت.
ويأتي هذا الاختراق من حزب الله مواكبة للتصعيد الإسرائيلي الذي بدأ بتفجير آلاف من أجهزة الاتصالات اللاسلكية في لبنان عن بُعد، ثم تنفيذ عملية الاغتيال في الضاحية الجنوبية، مع شن عدد كبير من الغارات على عدة مناطق في جنوب لبنان، قال الجيش الإسرائيلي إنه دمر خلالها حوالي ألف فوهة ومنصة لإطلاق الصواريخ، برغم أن إطلاق الصواريخ على إسرائيل لم يتوقف حيث رفع حزب الله عدد عملياته.
وأدخل حزب الله في ضرباته على حيفا صواريخ جديدة هي (فادي1) و(فادي2) وهي صواريخ تكتيكية غير نقطية يتراوح مداها بين 70 – 100 كيلو متر بحسب الإعلام الحربي للحزب، ولا تعتبر من فئات “الصواريخ الدقيقة” التي يمتلك حزب الله عدداً هائلاً منها.
ودخل مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الملاجئ تزامناً مع هجوم حزب الله، وقالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية إن نصف مليون إسرائيلي أصبحوا في دائرة النيران الجديدة للحزب، وهو ما مثل نتيجة عكسية للعمليات الإسرائيلية ضد لبنان، حيث كان أبرز الأهداف المعلنة لتلك العمليات هو السعي لإعادة المستوطنين الذين نزحوا من الشمال بعد ردع حزب الله، لكن الهجمات الجديدة التي نفذها الأخير تنذر بزيادة نطاق نزوح الإسرائيليين وليس العكس، خصوصاً إذا استمر تبادل التصعيد.
وأدت هجمات حزب الله على شمال إسرائيل منذ أكتوبر الماضي إلى نزوح ما يقارب 100 ألف إسرائيلي، وإخلاء عدد من المستوطنات بشكل تام، بالإضافة إلى أضرار اقتصادية كبيرة نتجت عن إحراق مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية وتوقف نشاط عدد كبير من الشركات والمصانع الإسرائيلية التي كانت متواجدة في الشمال.
وتحذر مختلف الأطراف الإقليمية والدولية منذ بداية الحرب من الانزلاق إلى معركة مفتوحة بين حزب الله وإسرائيل بشكل خاص، نظراً للقرب بينهما وللقدرات الكبيرة التي يمتلكها الحزب اللبناني.
وبرغم أن مستوى الاشتباك بين الجانبين ما زال- عملياً- بعيداً عن الحرب الشاملة، فإن التصعيد المتزايد في الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وهجمات حزب الله على إسرائيل يجعل الوضع أكثر هشاشة وقابلية للاشتعال ولو بشكل تدريجي، وهو اشتعال لن يقتصر على المواجهة بين الطرفين، حيث أكدت أطراف ما يسمى بمحور المقاومة، بما في ذلك حركة أنصار الله في اليمن، أنها مستعدة للوقوف إلى جانب حزب الله في مواجهة إسرائيل.
وقال نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، اليوم الأحد، في كلمة خلال تشييع القيادي البارز إبراهيم عقيل الذي اغتالته إسرائيل: “لسنا بحاجة إلى إطلاق التهديدات ولن نحدد كيفية الرد على العدوان فلقد دخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح”، حسب قوله.
وأضاف: “جبهة الإسناد في لبنان مستمرة إلى أن تتوقف الحرب على غزة، ولن يعود سكان الشمال بل سيزداد النزوح وسيتوسع الإسناد والحل الإسرائيلي يزيد مأزقهم فاذهبوا الى غزة وأوقفوا الحرب”.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إن إسرائيل ستواصل عملياتها ضد حزب الله.
وقال نتنياهو اليوم الأحد: “نفضل عدم الذهاب إلى حرب شاملة في التصعيد مع حزب الله ولكن يجب إبعاده”.
وكان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، قد توعد إسرائيل بـ”حساب عسير” رداً على تفجير أجهزة الاتصالات في لبنان وقال: “الخبر ما سترون لا ما ستسمعون”.