يمن إيكو| خاص:
أكد ضابط المخابرات السابق في الجيش الأمريكي، سكوت ريتر، أن الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، لم يأتِ من فراغ، بل كان رداً على هجوم إسرائيلي في الأول من أبريل على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، سوريا، مشيراً إلى أن الهجوم الانتقامي الذي شنته إيران على إسرائيل سيُسجل في التاريخ باعتباره أحد أعظم الانتصارات في هذا القرن.
وأكد ريتر- في مقال بعنوان “صواريخ إبريل” نشره على مدونته الشخصية ورصده موقع “يمن إيكو”- أن إسرائيل نفذت هجمات ضد موظفين إيرانيين داخل سوريا في الماضي، لكن ضربة الأول من أبريل لم تقتصر على قتل موظفين إيرانيين كبار فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى ما يعد من الناحية القانونية أرضاً إيرانية ذات سيادة، أي: “القنصلية الإيرانية”.
وأضاف: ومن وجهة نظر إيرانية، كان الهجوم على القنصلية بمثابة خط أحمر، وإذا لم يتم الرد عليه فإنه سيمحو أي مفهوم للردع، ويفتح الباب أمام عمل عسكري إسرائيلي أكثر وقاحة، يصل إلى هجمات مباشرة على إيران. ومع ذلك، كانت هناك شبكة معقدة من الأهداف السياسية المتشابكة التي ترجح كفة الانتقام، والتي من المحتمل أن تكون محل نقاش بسبب نوع الصراع واسع النطاق بين إسرائيل وإيران الذي يمكن أن يعجل به أي ضربة انتقامية إيرانية ذات معنى على إسرائيل.
وأوضح ريتر أن نجاح إيران في الرد الحازم على الهجمات الإسرائيلية، مكنها من فرض وضع ردع قابل للتطبيق مصمم لمنع الهجمات الإسرائيلية المستقبلية، وفي الوقت نفسه استطاعت من خلال هجومها تحييد أمريكا، حيث قال: “يبدو أن الهجوم الإيراني على إسرائيل نجح في المناورة عبر السياسات الصخرية الضحلة (السياسات المعقدة للمشهد في منطقة الشرق الأوسط) لقد فعلت ذلك أولاً وقبل كل شيء من خلال إبقاء الولايات المتحدة خارج المعركة”.
وأشاد ريتر بمستوى الارتباط الوثيق والمباشر للأهداف التي ضربتها إيران داخل إسرائيل، بهجوم الأخيرة على القنصلية الإيرانية في سوريا، مؤكداً أن تلك الأهداف الاسرائيلية تمثلت في: قاعدتين جويتين في صحراء النقب انطلقت منهما الطائرات المستخدمة في هجوم 1 أبريل على القنصلية الإيرانية، بالإضافة إلى العديد من مواقع الدفاع الجوي الإسرائيلية- كانت مرتبطة بشكل مباشر بالنقاط التي كانت إيران تحاول توضيحها في إنشاء نطاق وحجم سياسة الردع التي تنتهجها.
وتبعاً لذلك، أكد ريتر أن التصرفات الإيرانية كانت مبررة بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، حيث ردت إيران على تلك الأهداف في إسرائيل المرتبطة مباشرة بالهجوم الإسرائيلي على إيران، وثانياً، أن مواقع الدفاع الجوي الإسرائيلية كانت عرضة للهجوم الإيراني. التأثير المشترك لهذين العاملين هو أن إسرائيل بأكملها كانت عرضة للضرب من قبل إيران في أي وقت، وأنه لم يكن هناك ما يمكن لإسرائيل أو حلفائها القيام به لوقف مثل هذا الهجوم.
وأكد ضابط المخابرات الأمريكيي السابق، أن صدى الرسالة الإيرانية لم يتردد في تل أبيب فحسب، بل وفي واشنطن، حيث واجه صناع السياسة الأمريكيون الحقيقة غير المريحة المتمثلة في أنه إذا تصرفت الولايات المتحدة بالتنسيق مع إسرائيل، فإنها إما ستشارك في عملية عسكرية إسرائيلية أو تسهلها، وبالتالي فإن المنشآت العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط سوف تتعرض لهجمات إيرانية ستكون الولايات المتحدة عاجزة عن وقفها.
ولهذا السبب ركز الإيرانيون كثيراً على إبقاء الولايات المتحدة خارج الصراع، ولهذا السبب كانت إدارة بايدن حريصة للغاية على التأكد من أن كلاً من إيران وإسرائيل تفهمان أن الولايات المتحدة لن تشارك في أي ضربة انتقامية إسرائيلية ضد إيران. حسب مقال ريتر.
وقال ريتر: إن “صواريخ أبريل” (في إشارة لتاريخ الضربة الإيرانية) تمثل لحظة تغيير جذري في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، وبداية لإنشاء الردع الإيراني الذي يؤثر على كل من إسرائيل والولايات المتحدة. مشيراً إلى أن الهجوم الإيراني بتلك المعطيات أفشل الهدف السياسي الأساسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مدى الأعوام الثلاثين الماضية، والمتمثل في جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران، تم وضعها تحت الاختبار من قبل إيران.
وتابع ريتر قائلاً: “علاوة على ذلك، تمكنت إيران من تحقيق ذلك من دون تعطيل محورها الاستراتيجي في الشرق أو تقويض قضية الدولة الفلسطينية”.. مبيناً أن “عملية الوعد الحق”، (الاسم الذي أطلقته إيران على هجومها الانتقامي على إسرائيل) سوف يسجلها التاريخ باعتبارها واحدة من أهم الانتصارات العسكرية في تاريخ إيران الحديثة، مع الأخذ في الاعتبار أن الحرب ليست سوى امتداد للسياسة بوسائل أخرى.
واختتم حديثه قائلاً: “إن حقيقة أن إيران قد أنشأت وضعية ردع ذات مصداقية بدون تعطيل الأهداف والغايات السياسية الرئيسية هي تعريف النصر في حد ذاته”.