يمن إيكو| تقارير:
تشهد العلاقة بين الحكومة اليمنية والسعودية أزمة غير معلنة، على خلفية اعتراض الأخيرة على صفقة الاتصالات التي وقعت عليها الحكومة مع الإمارات، الأمر الذي أدى إلى توترات وصلت إلى حد وضع الرياض شروطاً من أجل مواصلة الدعم المالي للحكومة، من ضمنها التخلص من رئيس الوزراء معين عبد الملك، بحسب ما أكدت عدة مصادر لموقع “يمن إيكو”.
وأفاد مصدر في الحكومة لـ”يمن إيكو” بأن الأخيرة تخشى من أن السعودية لن تقدم الدفعة الثانية من منحة الـ1,2 مليار دولار التي تعهدت بها في أغسطس الماضي للبنك المركزي اليمني.
وكانت السعودية أعلنت في أغسطس تقديم 266 مليون دولار كدفعة أولى من المنحة، التي كان من المتوقع أن يتم تسليمها بشكل كامل، وأن يتاح للحكومة التصرف فيها ودفع المرتبات الخاصة بها، لكن ذلك لم يحدث.
وكشف المصدر أن مخاوف الحكومة تأتي بسبب أزمة متصاعدة مع السعودية، على خلفية صفقة الاتصالات مع الإمارات، موضحا أن الرياض انزعجت بشدة من موافقة مجلس الوزراء على هذه الصفقة.
ووافقت الحكومة في أغسطس الماضي، على اتفاقية تقضي ببيع 70% من أصول شركة “عدن نت” لشركة NX الإماراتية.
وقال المصدر إن الأزمة وصلت إلى حد أن السعودية أصبحت تشترط التخلص من رئيس الحكومة معين عبد الملك، من أجل تقديم الدفعة الثانية من المنحة.
وأضاف المصدر أنه خلال الاجتماعات مع السفير السعودي محمد آل جابر، والتي أعقبت التوقيع على صفقة الاتصالات مع الإمارات، عبر السفير عن استيائه من رئيس الحكومة معين عبد الملك، واتهمه بالخيانة للسعودية التي قال إنها من رشحته لرئاسة الحكومة ودعمته، برغم أن اسمه لم يكن مطروحا، ولم يسبق له أن حقق أي إنجازات تؤهله لهذا المنصب.
وكان معين قد قال في تصريحات لجريدة “الشرق” القطرية ولموقع قناة “العربي” هذا الشهر، إن الحكومة تواجه عجزاً مالياً، وإنها قد تعجز عن صرف مرتبات موظفي الدولة بعد ثلاثة أشهر.
وبحسب خبير السياسات المالية في موقع “يمن إيكو” فإن تصريحات معين عبد الملك خلقت عوامل تفاعلية أدت إلى الانهيار الكبير الذي شهده سعر العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة، حيث وصل سعر صرف الدولار الأمريكي في عدن، اليوم الخميس، إلى 1495 ريالا للشراء، و1506 ريالات للبيع.
وقال مصدر في البنك المركزي بعدن لـ “يمن إيكو” إنه برغم عقد عدة اجتماعات مع الجانب السعودي خلال الفترة الماضية، فإن البنك لا يعلم حتى الآن موعد تسليم الدفعة الثانية من المنحة السعودية، وما إذا كان سيتم تسليمها أم لا.
وبرزت ملامح الأزمة بين السعودية والحكومة اليمنية على خلفية صفقة الاتصالات خلال الفترة الماضية، من خلال الاعتراضات الواسعة التي واجهتها الصفقة من قبل أعضاء في الحكومة والبرلمان، وبرغم أن هذه الاعتراضات استندت إلى أسباب قوية مثل المخالفات القانونية وشبهات الفساد المالي التي تكتنف الصفة، بالإضافة إلى مساسها باستقلالية قطاع الاتصالات وسيادة الدولة عليه، فقد كان واضحا أن الكثير من المعترضين هم من الموالين للسعودية، فيما أيد الموالون للإمارات الصفقة.
هذا الانقسام بشأن الصفقة ظهر بوضوح في أزمة القيادي المؤتمري “عادل الشجاع” الذي كان مواليا للإمارات ثم تم استقطابه من جانب السعودية، والذي كشف معلومات حول لقاء رئيس الحكومة معين عبد الملك مع مسئولين إسرائيليين في إطار المساعي لتمرير الاتفاقية الموقعة مع شركة NX الإماراتية، الأمر الذي جعل رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي يطلب من السطات المصرية اعتقاله وترحيله من مصر، وهو طلب وقفت وراءه الإمارات بحسب ما أفاد نشطاء، لكن السعودية تدخلت بعد ذلك ومنعت ترحيل الشجاع إلى عدن خشية من وقوعه في أيدي الموالين للإمارات، لينتهي الأمر بترحيله إلى إسبانيا التي لديه إقامة سارية على أراضيها.
وأفادت مصادر بأن الأزمة بين الحكومة اليمنية والسعودية امتدت أيضا إلى ملف المفاوضات السياسية، حيث أصرت الحكومة خلال الفترة الماضية على تبني مواقف لا تنسجم مع توجهات السعودية، كالتمسك بالمرجعيات الثلاث التي بات معلوما أن المفاوضات قد تجاوزتها.
تأكيدا لذلك، وعلى سبيل المثال، كانت مصادر خاصة قد كشفت في وقت سابق لـ “يمن إيكو” أن السعودية لم تبد اعتراضا على طلبات صنعاء بتوسيع الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء، بشرط التفاهم مع شركة اليمنية، لكن الأخيرة لم توافق على ذلك بسهولة، بل أوقفت الرحلات، ثم اشترطت إعادتها بدون توسيعها، قبل أن يتم إعادة الرحلات الست مؤخرا، الأمر الذي ترجم عدم انسجام بين موقف السعودية وموقف الحكومة.
وكان نائب رئيس المجلس الرئاسي عيدروس الزبيدي (الموالي للإمارات) قد عبر بوضوح عن هذا الجانب من الأزمة بين السعودية والحكومة، عندما صرح لصحيفة “الغارديان” البريطانية، في سبتمبر الماضي، بأنه تم استدعاءه إلى الرياض وبقي لمدة يومين دون لقاء المفاوضين السعوديين، وقال إن الحكومة “لا تعرف شيئا عن المفاوضات إلا من الأخبار”.
وفي سياق متصل، أفاد مصدر “يمن إيكو” أن من ضمن شروط السعودية لتسليم بقية المنحة المالية، إذا لم يتم إقالة رئيس الوزراء معين عبد الملك، أن يتم تمكين “مجلس حضرموت” التابع لها والذي تم تشكيله في يونيو الماضي، من السيطرة على المحافظة واعتباره ممثلا سياسيا لها.
وكانت صحيفة “العرب” التابعة للمخابرات الإماراتية، قد نشرت في تقرير رصده “يمن إيكو”، أن السعودية لديها “اهتمام استثنائي بمناطق في شرق اليمن مطلّة على بحر العرب، وأنها قامت بإرسال قوات تابعة لها إلى محافظة حضرموت” موضحة أن “المملكة تسعى إلى تأمين ممر مباشر لها باتجاه المحيط الهندي في مرحلة ما بعد الحرب في اليمن” في إشارة إلى ما تحدثت عنه العديد من التقارير حول مساعي مد خط أنبوب من أراضيها إلى بحر العرب، من أجل تجنب مضيق هرمز الذي يشهد توترات في ظل الصراع الأمريكي الإيراني.