يمن ايكو
تقارير

📃 الحرب والفقر والأوبئة.. ثالوث يتهدد تنمية الأطفال في اليمن

تقرير خاص-يمن ايكو

تتعرض تنمية الأطفال في اليمن للكثير من المخاطر الناجمة عن الحرب المستمرة منذ حوالي سبع سنوات، فإلى جانب مقتل مئات الآلاف منهم، فهناك الملايين في سن الدراسة لا يزالون خارج المدارس، كما تعاني نسبة كبيرة من الفقر الذي يحول دون الحصول على خدمة التعليم.
وترتبط تنمية الأطفال ارتباطاً وثيقاً بمدى التحاقهم بالمدارس والحصول على تعليم جيد، بالإضافة إلى مدى تلبية ما يحتاجونه من أشكال الرعاية الصحية والنفسية، والحماية من الآثار المترتبة على الأزمات الاقتصادية أو الظروف غير المستقرة.

وقالت المنظمة الأممية “يونيسف” إن مخاطر شديدة تواجه تنمية ملايين الأطفال اليمنيين، خاصة الذين في سن الدراسة، مع استمرار الآثار الناجمة عن الحرب والفقر والأوبئة.
وأشارت، في تقريرها الصادر الثلاثاء، إلى أن أكثر من مليوني فتاة وفتى في سن الدراسة في اليمن خارج المدرسة بسبب الحرب والفقر ونقص الفرص التعليمية. ولفتت إلى أن الأطفال واليافعين الفقراء والضعفاء هم أكثر عرضة لعدم الذهاب إلى المدرسة إطلاقاً، والتسرب من المدارس وعدم العودة إلى الدراسة على الإطلاق.

وكبدت الحرب قطاع التعليم في اليمن نحو ثلاثة تريليونات ريال، وفق تقرير رسمي صدر في صنعاء خلال مارس الماضي، حيث تضررت 3652 منشأة تعليمية، وتأثر قرابة مليوني طالب وطالبة في أنحاء البلاد. كما لا يزال أكثر من 196 ألفاً من القوى العاملة في مجال التربية والتعليم، يعانون من انقطاع رواتبهم منذ سبتمبر 2016، نتيجة قرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن.

وفي الأشهر الأولى من الحرب عام 2015، كانت ” اليونسكو” نبهت إلى أن ٧٨ في المئة من الأطفال في سن الدراسة في اليمن، لن يتمكنوا من الالتحاق بالمدرسة في بلد يحتل المرتبة الثانية للأمية العالمية.
وساهمت التداعيات الاقتصادية في تسرب الآلاف من المعلمين والمعلمات وتوقفهم عن مواصلة التدريس. وأوضحت تقارير رسمية، أنّ متوسط نصيب الفرد داخل أسر المعلمين من الدخل وصل إلى 1.2 دولار أميركي في اليوم الواحد، وهو أدنى من مستوى خط الفقر (1.9 دولار). وأصبح هذا الدخل المتدني غير متاح، في ظل انقطاع الراتب طوال هذه الفترة، حيث لجأ كثير من المعلمين إلى ممارسة أعمال يدوية لكسب لقمة العيش لأطفالهم، كالعمل في البناء بأجر يومي، أو صاروا باعة جائلين، بعدما نفدت مدخراتهم.

ووثقت منظمة “مواطنة” أكثر من 2000 واقعة انتهاك على المدارس منذ بدء الحرب وحتى نهاية عام 2019. كما وثق تقرير مشترك لمنظمتي “مواطنة” و”سيزفاير” خلال الفترة “26 مارس 2015-31 يناير 2019″، نحو 153 هجمة جوية للتحالف على مدارس ومرافق تعليمية أو بالقرب منها، في 16 محافظة يمنية، هي: صعدة، حجة، أمانة العاصمة صنعاء، محافظة صنعاء، أبين، البيضاء، الحديدة، الجوف، المحويت، عمران، ذمار، لحج، مأرب، شبوة، تعز، الضالع.
وأفاد التقرير، أن معظم تلك الهجمات كانت “عشوائية”، و”لم تجد فرق البحث الميدانية للمنظمة، أو شهود العيان الذين قابلتهم أي أهداف عسكرية بالقرب أو بداخل 140 مدرسة مدمرة أو متضررة”.

ومع توقف أو تراجع العملية في المدارس، ارتفعت معدلات تسرب الأطفال في سن الدراسة، وتفاقمت المخاطر المحتملة عن هذا التسرب، سواء إلى سوق العمل أو الاستدراج إلى صفوف المقاتلين.

وحذرت يونيسف من زيادة معدلات عمالة الأطفال في اليمن، بسبب الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد. ونوهت بأنها في عام 2013 رصدت انخراط 17 في المئة من الذين تتراوح أعمارهم بيم 5-17عاماً، في عمالة الأطفال.
وأضافت: “من المحتمل أن تؤدي ظروف الحرب والانهيار الاقتصادي إلى زيادة أعداد الأطفال العاملين عن 1,3 مليون طفل. وكشفت أن 3,600 طفل تم تجنيدهم بين الفترة 26 مارس 2015 و28 فبراير 2021”. ويعتقد مراقبون، أن عامل الفقر يقف وراء استدراج الكثير من هؤلاء الأطفال للقتال.

وكشفت دراسة مسحية للأطفال خارج أسوار المدارس في عام 2019، أن 32 في المئة منهم لا يجدون بدائل عن مدارسهم المغلقة، بينما أرجع 28 في المئة السبب إلى عدم الاهتمام بالذهاب إلى المدرسة، و17 في المئة بسبب عدم القُدرة على تحمُّل تكلفة التعليم، جراء انخفاض دخل أولياء الأمور الذين تضررت أعمالهم جراء الحرب.
وحسب الدراسة، ارتفعت نسبة تسرب التلاميذ من المدراس إلى 47 في المئة، مقارنة بـ 5.27 في المئة قبل الحرب.
وتسببت جائحة كورونا، في العام الدراسي 2020 بخروج “أكثر من مليوني طفل من المدارس، و5.8 مليون طفل كانوا مسجلين قبل جائحة كورونا، أصبحوا عُرضة لخطر التسرب من المدارس”.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن، “ليز جراندي” إن 70 في المئة من المدارس معرّضة للإغلاق أو بالكاد قادرة على العمل في عام 2021، خصوصاً مع إيقاف الأمم المتحدة معظم برامجها في اليمن.

عملياً، جرى تعطيل إمكانيات تقديم الخدمة التغذوية لملايين الأطفال اليمنيين، نتيجة الحرب والحصار، في حين تعاني اليمن ككل أسوأ أزمة غذائية في العالم. وهو ما تؤكده التقارير الدولية والأممية حتى اللحظة.

و “في الوقت الراهن هناك 2,3 مليون طفل دون سن الخامسة، اثنان من كل خمسة أطفال في هذه الفئة العمرية معرضون لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد، بما في ذلك حوالي 400,000 معرضون لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد الوخيم. كما يعاني حوالي طفل واحد من بين كل طفلين دون الخامسة من التقزم، وهو وضع لم يتغير منذ عام 2011”.

وفقاً ليونيسف، فإن 84,5 في المئة من أطفال اليمن يعانون من الفقر المالي، وأن أكثر من 11 مليوناً بحاجة إلى المساعدات الإنسانية. بينهم 1,71 مليون طفل هجّرتهم الحرب (نازحون)، ولم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم ومدارسهم. وحذرت من أن الحرب التي قتلت 3,336 طفلاً إلى فبراير 2021، ستؤدي إلى إطالة أمد الفقر والحرمان من التعليم الجيد بالنسبة لملايين الأطفال.

وتتوقع منظمات حقوقية أن يصل عدد الأطفال في سن الدراسة الذين قد يتعثر التحاقهم بالمدارس في اليمن، إلى 5 ملايين طفل، إذا لم تتوقف الحرب، وتُصرف المرتبات.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً