تقرير خاص
دعا مجموعة من الباحثين اليمنيين في مجال الطاقة، إلى ضرورة إعادة تشغيل الشبكة الوطنية، بما في ذلك محطات الطاقة الرئيسية، مثل محطة مأرب الغازية للطاقة، وكذلك محطات الطاقة الحرارية في جميع محافظات اليمن. مشيرين إلى ما تتطلبه المهمة من البحث جدياً عن حلول مالية وفنية فعّالة بين الجهات المعنية في المناطق التي تشهد أعمالاً عسكرية وتتواجد فيها محطات الطاقة.
وشدد الباحثون الذين تشاركوا في تنفيذ دراسة لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، حول الأوضاع الحالية للطاقة، في المناطق تحت سيطرة الحكومة في صنعاء، أو في مناطق سيطرة التحالف وحكومة هادي، على تأمين التمويل اللازم، سواء من الموارد المالية الحكومية أم الجهات المانحة، لإعادة تأهيل البنية التحتية التي تضرّرت في أثناء الحرب وصيانة محطات الطاقة التي تتطلب قِطع غيار وغير ذلك من أعمال الصيانة التصحيحية والوقائية.
وقال الباحثون: على الرغم من الوضع المتدهور لقطاع الكهرباء، خصوصاً بعد اندلاع الحرب، تظل هناك فرصة لبناء قطاع كهرباء أقوى.
وتأثر قطاع الكهرباء العام بشكل كبير وتعرّضَ لأضرار مادية وغير مادية جسيمة، نتيجة الحرب الاقتصادية والعسكرية التي يواصل التحالف بقيادة السعودية والإمارات فرضها على اليمن منذ حوالي سبع سنوات.
وتشير التقديرات إلى أنه خلال السنوات السابقة للحرب، لم يكن لدى نحو 90 في المئة من المواطنين إمكانية الحصول على الكهرباء العامة. وفي عام 2020 عملت 50 في المئة فقط من المرافق الصحية، وبقيت حتى اليوم متأثرة بشكل سلبي بسبب انقطاع التيار الكهربائي. كما يعمل نحو 32 في المئة من السعة المتاحة (309 ميجاواط من 960 ميجاواط) لمحطات الطاقة المتصلة سابقاً بالشبكة الوطنية، ولكن نظراً لانهيار الشبكة، تعمل محطات الطاقة بشكل أساسي على تلبية الطلب المحلي.
وقبل الحرب كانت قدرة التوليد المركبة لقطاع الكهرباء منخفضة بشكل ملحوظ عند 1.5 جيجاواط؛ إذ وصلت القدرة الفعلية 67 في المئة فقط. كان السبب الرئيسي لهذه السعة المنخفضة أن معظم محطات الطاقة الرئيسية متقادمة وغير فعالة.
وفي عام 2014 كان استهلاك الفرد السنوي من الكهرباء منخفضاً للغاية (255 كيلوواط ساعة / سنة) مقارنة بالمستويين الإقليمي والدولي 2900 كيلوواط ساعة / سنة و3100 كيلوواط ساعة / سنة.
ومع محدودية قدرة التوليد المتاحة، كانت الخسائر في الطاقة المولدة كبيرة؛ إذ تجاوزت الـ 40 في المئة عام 2013. هذه الخسارة في الطاقة إضافة إلى انخفاض معدل تحصيل الفواتير والدعم كبير للتعرفة وشراء الكهرباء من الخيارات باهظة الثمن كانت القضايا الرئيسية التي أدت إلى تدهور هذا القطاع.
وبالرغم من أن المناطق الريفية تستضيف نحو 75 في المئة من سكان البلاد، كان معدل الكهرباء إلى ما قبل الحرب في عام 2015 في المناطق الريفية منخفضاً للغاية عند 23 في المئة مقارنة بـ 85 في المئة في المناطق الحضرية.
ولاحظ الباحثون، ازدهار سوق الطاقة الشمسية الكهروضوئية بمعدل غير مسبوق؛ بعد انهيار الشبكة الوطنية، نتيجة الحرب، إذ أصبحت البديل المتاح لتوفير الكهرباء، خاصة في المحافظات الشمالية والوسطى حيث لا تعمل محطات الطاقة الوطنية وأسعار الكهرباء الخاصة لا يمكن تحمّلها بالنسبة لمعظم الناس.
وبالرغم من إمدادات الوقود في مناطق التحالف والحكومة، إلا أن أزمة انقطاع الكهرباء لاتزال مستمرة في عدن وحضرموت وشبوة وغيرها من المحافظات.
وإلى ديسمبر 2019، على الأقل، استخدم نحو 75 في المئة من اليمنيين أنظمة شمسية صغيرة مصدراً رئيسياً للكهرباء.
وتتمتع اليمن بموارد كبيرة من الطاقة المتجددة، وخصوصاً طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية، وعلى الرغم من أن الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة لعام 2009 حددت هدفاً لتحقيق 15 في المئة من الطاقات المتجددة في مزيج التوليد بحلول عام 2020، كان نشر تطبيقات الطاقة المتجددة قبل الحرب ضئيلاً للغاية. كان من المقرر إنشاء أول مشروع مزرعة رياح كبيرة بقدرة 60 ميجاواط في المخا بتمويل من عدة مؤسسات دولية. مرة أخرى وبسبب الحرب عُلّق المشروع.
وبشكل عمومي، قال الباحثون إنه يجب تشجيع المستهلكين والمرافق الخدمية على تركيب أنظمة طاقة شمسية معزولة عن الشبكة عالية الجودة ومصمّمة تصميماً جيداً لتشكّل حلولاً مستدامة، فضلاً عن التأكد من توافقها مع شبكة الكهرباء العمومية، لتعمل فور تشغيل الشبكة مرة أخرى. لكن هذا، وفق الباحثين، يتطلّب إجراء مسح لسوق الطاقة الشمسية الكهروضوئية، واعتماد مواصفات ومقاييس الجودة، وإنشاء مختبرات لفحص المنتجات المستوردة والتحقّق من امتثالها للمواصفات والمقاييس، إلى جانب تسهيل عملية الاستيراد وإعفاء منتجات الطاقة الشمسية الكهروضوئية من الرسوم الجمركية في جميع موانئ الدولة.
وخلافاً لحكومة هادي، فقد أمكن لحكومة صنعاء، عمل إصلاحات قانونية لتشجيع الاستثمار في مجال الطاقة والطاقة المتجددة، ففي مايو 2020 صدرت قوانين معدلة تقضي بإعفاء مدخلات الطاقة الشمسية ومستلزمات الطاقة المتجددة إلى مناطق سيطرتها، من الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المئة. كما استطاعت الحكومة إعادة تشغيل عدد من محطات الكهرباء العامة في صنعاء.